كتاب مصطفى الحمامصي من تأليف علي حزين .. فجأة فرمل سائق الأتوبيس , فتوقفت العربة , وتوقف معها خيالي المريض , تخبَّط الجميع في بعضهم كالأواني المستطرَقة , وإذ بتلك المرأة الواقفة أمامي ــ لا إرادية ــ تأخذنني في حضنها من شدة الرجَّة , عندها اشتممتُ عرقها الطيب , أجمل من ريح المسك , احتضنتني حتى تحفظ توازنها , ولا تقع علي الأرض ..
حينها نظرت لي باستغراب , ودقَّقت النظر وصوبته إليَّ في اندهاش يملأ وجهها , وعيناها ملئت بطابور من علامات التعجب والاستفهام , وفمها مفتوح على أخره , وكأنها تريد آن تصرخ , أو تصفعني علي وجهي بالقلم , وأرسلت النظرة تلو النظرة , وكأنها تريد أن تسألني عما حدث تواً , ولكن سرعان ما ضمت فمها علي عضة شبق لشفتها السفلى بصف لُوْلي ناصع البياض , مع ابتسامة ساحرة , وعيناها مليئة بالرغبة , وقد غمزت لي بعينها غمزة إعجابٍ , وموافقة لما حدث .. وأنا واقف لا أتحرك من مكاني , وكأني تمثال رمسيس الثاني , الواقف تحت محطة مصر , لا أُبدي أي شيء , وكأن الأمر لا يعنيني , وحتى لا يظهر عليَّ أي شيء , برغم أني لو ملكتها افترستها , كما تفترس الأسود الحملان الصغار, أو الغزالة الشاردة في الغابة , فقط كنت أقرأ تعبير وجهها , وأتابع تصرفاتها , ووقع ما حدث عليها في صمتٍ مطبق .. دقائق معدودة حدث فيها هرج , ومرج داخل الأوتوبيس , وكلانا ينظر للأخر نظرات إعجاب , وهو في علم أخر , تبادلنا ابتسامات خفيفة برهة .. و كل شيء عاد علي ما كان عليه , الأتوبيس عاود السير من جديد وسط زحام العربات .. ورجع الناس كما كانوا , والمرأة الأربعينية عادت إلي مكانها , إلا أنها راحت تتعمد الاتساق فيَّ كلما سنحت الفرصة لها في مطبَّات الطريق , ومع كل فرمة للسائق لتنزيل الركاب , مما شجَّعني على أن ابدأ معها حديثاً مطول ...
ــ " من أين ؟؟؟.. اسمك ..؟؟.. وهل أنتِ متزوجة أم لا ..؟؟ ..
وفي كل مرة تجاوبني عن سؤالي , حتى جاءت إجابة لسؤال لم أطرحه عليها .؟!!
ــ أنا وحدانية وساكنة لحالي , أصعب علي الكافر , ممكن تنزل معي المحطة الجايه , تشرب معي الشاي .. ونكمل حوارنا ..؟!!