رواية الإسكندرية 2050 بقلم صبحي فحماوي .. رواية غنية بلغتها، وبحقيقة مشاعرها وتحليلاتها وصورها، أراد لها الروائي بنية مركبّة بين السيرة الذاتية، والرؤية المستقبلية المتخّيلة، بين واقعية صريحة حادة، وطموح مشروع بـ"خلق الجنة على الأرض"، وبتحقيق رغيات وأمنيات يأمل أن يسعى الجميع إليها كـ"تعميم المحبة بين الناس"، وإعادة التوازن إلى الطبيعة واحترام قوانينها، وإزالة كل تلوث من الطبيعة ومن روح البشر، وكل ما قد يتوق المرء ـ الإنسان ـ إليه. على سجيته، يخاطب الكاتب نفسه ويحادثها بتلك اللغة الحميمة الصادقة التي لا تهتم باللياقة التي لا يفرضها المرء على نفسه حين يخاطب نفسه، ويكتب هذه المخاطبة كما تأتي بألفاظها الساخنة والساخرة والمريرة والفرحة والمعقدة والمنتقدة والمتفلتة..
تبدأ الرواية في وضع إطار ذو نكهة خاصة للسرد الروائي: "نحن شبكة إنتاج، متخصصة بالتجسس على عباد الله، منذ لحظة الولادة، وحتى لحظة الوفاة." " وبناء على طلب السيد برهان، قمنا بتسجيل ما يدور بخلد أبيه مشهور شاهر الشهري، من تفكير، خلال الساعة الأخيرة من حياته، وهو ينازع سكرات الموت هنا في عكّا". "ما نشفطه من ذكريات وأفكار وخيالات ماضية في ذهن الرجل، ونسجله على قرص مدمج، مدهش حقاً، تستطيع أن تسمعه بسهولة على جهازك الخلوي. فتفضل يا عم، اسمع، أو اقرأ ما سجلناه وحرّرناه، ودققناه وقدمناه، على شاكلة رواية مدهشة..".
بعد غياب طويل يعود بطل الرواية إلى الإسكندرية لرؤية ابنه برهان وأحفاده: الأخضر كنعان الذي ترسله المدرسة كل سنة في رحلة فضائية، وحفيدته تودّد الفنانة التي باتت تعرف وتجيد كل أنواع الفنون كالموسيقى والرسم. ولمعرفة علاقته بهذه المدينة، يقارن بين "انطونيو المستمتع بحب كليوبترا الخاضعة له، وأما أنا فخاضع لغرامك المتحكّم فيّ ايتها الإسكندرية!"، حيث سيعاود الاتصال بمعارفه وبحبيبته "تيتي".
"لم تكن تتصور أيها العجوز أن تعود إلى الإسكندرية عام 2050، بعد أكثر من ثمانين عاماً من مجيئك الأول للدراسة الجامعية!"، ولولا سماح "عبد الناصر للطلبة العرب بالدراسة في مصر"، "لما استطعت أيها اللاجئ دخول الجامعات من أصلها".
سوف يمرّ على مراحل بداية حياته، من خلال سؤال واحد "كيف تفرح؟" يمرره في بدء كل جمله: "وأنت ابن النكبة الفلسطينية الغابرة؟" و"قد عشت طفولة مغمسة بالطين اللزج"؟ "وقد قضيت بادرة مراهقتك مرافقا لحماركم الأبيض.." "بصفته الرفيق الأكبر"؟ وأبوك الذي كان يضرب والدتك زكية (عالباردة والساخنة!)، وقد كان "يعطيك قرشين كل يوم (مصروفك اليومي) وأنت ذاهب من المخيم إلى المدرسة"، وقد "أدركت أن ليس للحب مكان في هذه الرياح القارسة!".
مجموعة من الأحداث المتنوعة والتفاصيل الهامة والتعليقات الذكية يقدمّها للقارئ، بطل الرواية الذي سيتأمل ويأمل بالسؤال: "هل تشاهد مرحلة انتقالية جديدة، بعد الإنسان الأول الذي تحضّر فانتقل إلى مرحلة الإنسان الثاني، وها هو بعد أن توحشت حضارته، ودمرت الأرض، تراه يتشكل بتكوينه الأخضر، فتشهد مرحلة الإنسان الثالث الأخضر؟".
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.