صدرت الروائية ميسلون هادي رواية «العيون السود» عام 2002 لتنهيها توقيعا تحت تأريخ يقول بأنها كتبت في بغداد في شباط/فبراير عام 1998 وكملت بشكلها النهائي في معان الأردن عام 2000، لتكون على 265 صفحة من الحجم المتوسط بغلاف لوجه فتاة جميلة بشعر أسود منسدل على الكتفين،
وعينين سوداوين واسعتين، تكاد تقول من خلالهما أنها هي الشخصية الرئيسة يمامة، لولا أن الكاتبة وصفت هذه اليمامة ذات الخامسة والثلاثين عاما بأنها ذات شعر فاحم السواد، وعيناها زرقاوان تبرقان كالبلّور عندما تنعكس عليهما أشعة الشمس». وهي بالتالي قسّمت الرواية إلى عشرة فصول معنونة وغير مرقّمة، متبعة زمنا خطياً بوحدة زمنية مستمرة متواصلة بانسيابية من دون انقطاع، لتصل إلى نهايتها التي يبدو أنها قد خطّطت لها لتبقيها مفتوحة على كل احتمالات أحداث يضج بها زقاق بغدادي، لا يختلف كثيرا عن أي زقاق عراقي آخر، في تلكم الفترة الزمنية التي تدور أحداث الرواية فيها، وهي فترة حصار العراق اقتصاديا في التسعينيات من قرننا الماضي.. ثم أن الساردة العليمة وهي تستعرض شخصيات زقاقها هذا مستعملة ضمير الغائب، الذي يحرّرها من قيود القص، تروي عن شخصيتها الرئيسة يمامة لتقول بأنها رسامة تحاول أن تعيش مما ترسمه بعد أن تركت التعليم، ثم أن لها أخوين هاجرا خارج العراق بعد أن ماتت الأم وتوفي الأب كمدا على موت ابن له آخر. ويبدو أن ليمامة حبيبا من أهل هذا الزقاق هو حازم، هذا الذي تركها وهاجر فظلّت كلما التقت بجارها الجديد مثنى تذكر حازما: «إن له جبهة حازم النظيفة العالية وعينيه السوداوين الصغيرتين..». وتتواصل الحكاية لنتعرف على الخالة هنوة، تلك التي ظلّت على مدى ثلاثين عاما وحتى مماتها تسكن هذا الزقاق وتعرف عنه تفاصيل بيوتاته وأسرارها. وكيف لا وهي صاحبة قراءة الطالع في فناجين القهوة، حيث قالت يوما لليمامة من «أنك ستتزوجين من رجل مجنون».