رواية المعالج بقلم محمد فؤاد ....فجأة هدأت الأصوات، ولفّ السكون أرجاء المنزل. ذلك المنزل القديم المتهالك على أطراف القرية، والذي كثرت حوله الحكايات والأقاويل، كما أنه ظل مهجورًا عدة أعوام بعد مقتل صاحبه الدرويش مشنوقًا على بابه. لم يجرؤ أحد على شرائه أو استئجاره. كان قريبًا من حافة النهر حيث كان الأهالي يعتقدون أن الجن يتوافدون
إليه كل مساءٍ. استشعرت الأم هذه الأشباح السوداء وهي تحوم حول المنزل وتتجمع فوق سطحه، فزاغَ بصرها من شدة الخوف. تمنّت أن لو عاد بها الزمان حين استأجرت المنزل ولم تلتفت حينها لصيحات المُنذِرين وهمسات المحَذّرين؛ متسلحة بإيمانها، متذرّعة بضيق حالها. ظلت على حالتها هذه حتى أذان الفجر، لا يقطع هذا السكون إلا نباح الكلاب الذي أشبه ما يكون بعواء الذئاب، وما بين الفينة والأخرى تذعرها وَقْوَقة الكلاب كأنها رأت شيئًا أفزعها أو داس ذيلَها أحدٌ.