رواية جوكات/ حكايا الدار الحمراء- رواية بقلم انتصار عبد المنعم ...ويمكن أن تعد رواية (جوكات) للروائية المصرية انتصار عبد المنعم (التي صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في أغسطس ٢٠١٩) من هذا النوع من الروايات، فقد اختارت لروايتها مدينة متخيلة اسمها (جوكات)، وعند البحث نجد أن هذا الاسم ورد في كتابات سابقة للروائية، ففي
كتابها (حرف الأجداد .. مستقبل الأحفاد) الصادر عام ٢٠١٥ تعقد فصلاً بعنوان (إطلالة على تاريخ مدينتي إدكو ورشيد)، تذكر الاسم (جوكات) على أنه الاسم الفرعوني لمدينة (إدكو) الواقعة قرب مصب فرع النيل الغربي (رشيد) في البحر المتوسط ص٨٥. وهي هنا تستعمل ذات التكنيك الذي يوظفه ماركيز في أكثر من عمل، حين يصور مجتمع (ماكوندو) القرية الصغيرة لكنه، في الحقيقة يتحدث عن المجتمع البشري كله.واللافت في الرواية من البداية استعمال تعابير الكتب المقدسة للعنوانات الداخلية، بعد إعادة صياغتها لإنتاج دلالات جديدة مضادة، فبنية الرواية تقوم على أن لكل خبر في الكتب المقدس جانب آخر مضاد له، فالرواية تقع في قسمين؛ (السفر الأول لعنة الخروج) في مقابل سفر التوراة الثاني (الخروج) الذي يتحدث عن انتصار الرب لموسى وقومه بخروجهم من مصر وإهلاك فرعون وجنده، بينما يروي السفر الأول في (جوكات) حكاية تخلف بعض اليهود عن الخروج ولجوئهم إلى التلال القريبة من (جوكات)، والمفارقة أن يكون اسم زعيم هؤلاء وصاحب فكرة التخلف (شلومو بن لاوي)، والمعروف أن اللاويين هم كهنة اليهودية، وجاء السفر الثالث في التوراة الذي ينظم أحكام الشريعة باسم (سفر اللاويين).أما (السفر الثاني لعنة الماء) فيقف في مواجهة قدسية الماء الذي وصفته الكتب المقدسة بأنه مكان عرش الله، ومصدر كل حياة، فالماء في الرواية مصدر للموت أيضا، لأن هذا القسم يركز على حكاية إبراهيم أحد المصريين البسطاء من سكان (جوكات)، الذي عاد إلى أهله بعد سنوات من العمل في السعودية ليموت غرقا مع من غرقوا في العبارة (سالم أكسبريس) عام ١٩٩١.