"تحولت أمي منذ مرضها إلى كائن نحيل صغير ذي ذاكرة مترنحة. تنادي أفراد عائلتها الذين ماتوا من زمن بعيد. تكلمهم.يدهشها أن والدتها لا تزورها، وتثني على أخيها الصغير لأنه -كما تقول- يحمل إليها الهدايا. تنكفئ أمي إلى طفولتي. تتقهقر ذاكرتها.
خارج الزمن تعيش منسحبة من الواقع. تسألني كل ربع ساعة"كم طفلاً عندي؟" وفي كل مرة أجيبها الجواب نفسه. أمي تخاف من كلثوم،امرأة تنم عيناها عن نوايا خبيثة،هي تعرف أنني أرتاب من نظراتها.لذلك تنكس رأسها حين تكلمني. تتذلل لي حين تسلم علي. أتظاهر بعد الانتباه إلى كيدها. أرى الخوف في عيني أمي.الحوف من أن تتخلى كلثوم عنها حين يبقيان رأساً لرأس في المنزل. تقول لي أمي حين تكون في لحظة وعي "أنا لست حمقاء.كلثوم تعتقد أنني فتاة صغيرة، توبخني ، تهددني.لكنني أعرف أن مداومتي على الأدوية لها أثر يوهمني بأنها خبيثة،إنها بالعكس طيبة، كل ما في الأمر أن تفرغها للعناية بدأ يزعجها ويتعبها.لذلك لا حيلة لي سوى أن أغعمض عيني عن كثير من ردود أفعالها.
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.