وبعيداً عن الأجواء السياسية فإن الرواية تغري بقراءة صفحاتها، لأسلوبها الرمزي الذي رمى من خلاله الروائي، أياً كان اسمه، إلى إلباس شخصياته بعداً زمنياً أسطورياً في حال من الأحوال، يمتد بمساحاته الزمانية إلى كل العصور، وبمساحاته المكانية إلى كل البقاع، وزبيبة تلك شخصية نسائية حمّلها الروائي قيماً وخلقاً وذكاءً وإخلاصاً وحكمة حتى باتت نديمة الملك الذي يجري معها أحاديث طويلة عن مواضيع شتى اجتماعية وفكرية وسياسية فتحدثه عن الولاء والخيانة وعن الأسرة وعن سياسة الملك الحكيم الذي تقر وحين يسألها الملك بأن سياسة الملك الحكيم لا بد أن تكون صارمة ليشعر الشعب بالأمن.
ومن خلال مجريات الأحداث تثبت زبيبة إخلاصها للملك وخصوصاً عند مشهد محاولة قتله من قبل ابن عمه حيث تحول بين الملك وبين ضربة السيف الموجهة من قبل مهاجمه بجسدها. وتبلغ الأحداث ذروتها مع تعرض زبيبة للاغتصاب من قبل زوجها القديم، وعقب هذه الحادثة يكون لزبيبة قول يكشف عن الكثير القابع خلف السطور، تقول زبيبة "الاغتصاب هو أخطر الجرائم سواء أكان رجل يغتصب امرأة، أو جيوش غازية تغتصب وطناً أو اغتصاب حقوق".
وهكذا يمضي الروائي في سردياته مشيراً إلى انتقام الملك من مغتصبي زبيبة وخلال المعركة ضد الزوج ومناصريه تقتل زبيبة ويدفن زوجها، الذي يقتل في اليوم نفسه إلى جانبها. ويمكن قراءة هذا النص الروائي من منظار آخر، وذلك على ضوء عباراته المعاصرة، وتواريخ الأحداث الهامة التي مرت والتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالأحداث التي مرّ بها العراق خلال فترات زمنية متعاقبة وصولاً إلى العصر الحالي وانتهاءً بالزمن المعاصر الذي شهد فيه العراق الخيانة والضربات من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.
لذا يمكن القول بأن "زبيبة والملك" هي رواية، تفسير رموزها هو رهن بفكر قارئها. ويمكن للمتتبع الدخول أكثر في تحليلات أبعاد سرديات الرواية وتحليلات شخصياتها من وجهة النظر الأميركية بالاطلاع على ما نشرته الصحف حول تلك الرواية وراويها.
رواية زبيبة والملك تأليف صدام حسين
رواية زبيبة والملك بقلم صدام حسين.."زبيبة والملك" رواية أول ما يلفت النظر إليها اهتمام الولايات المتحدة الأميركية فيها، وتجسد ذلك من خلال تحليل الـ"سي.أي.ايه" (وكالة المخابرات الأميركية) حيث سارعت جهات في تلك الوكالة إلى تحليل تلك الرواية عندما وقعت في أيديهم وهدفهم في ذلك سبر عقل الرئيس العراقي، وربما استنتاج كيف يفكر وذلك عندما تكهنوا بأن مؤلف الرواية الذي أغفل اسمه ما هو إلا الرئيس صدام حسين!! وقد تحول تكهنهم هذا إلى شبه تأكيد بعدما أمعنوا في قراءة الرواية وتحليلها.