وأداء ما يترتب على إيالته من فرائض وضرائب للسلطان، وإلى إحاطة نفسه بكافة مظاهر القيادة من قصور ومنازل وسجن وحاشية، وحرّاس وعسكر. وفي بنائه لسلطته يرتقي "همو" مدارج سجن داخلي ذاتي، تضيق سراديبه إلى حد الاختناق، يساعده في إقراره وفرضه لسلطته وهيبته على قبيلته والقبائل المجاورة صديق أبيه وخادمه "ابن الزارة"، وهو في الأصل نخاس سمسار في أسواق الواحات، يتاجر بالإماء والعبيد من الرجال والنساء، وصديق والده الصائغ اليهودي "باروخ"، الذي يلبي كافة مطالب "همو" ورغباته ويسلفه الأموال ويعينه في تأمين الموارد، وفي النهاية يخدعه ويسلبه أموال كنزه الذهبي. أوحى ابن الزارة للقائد همو بضرورة الزواج من بنات الأعيان والقادة والمشايخ، وزوجه من فتاة جميلة عربية أبية النفس اسمها "السالمة"، ابنة ولد الشهباء، قائد ولاية السهل المجاورة. ولما لم ترضخ لسلطته ولم يجد فيها ضالته المنشودة ومحبوبته المطيعة، زوجه من "كيما" ابنة الشيخ أحماد نايت ابرايم الأبي المعتد بكرامته وقبيلته، وهو شيخ قبيلة بربرية تقيم في منطقة جبلية من ولايته، بعد أن أقنعه بذلك قائلاً: "تتزوجها وتضرب عصفورين بحجر: تثير بها غيرة زوجتك بنت ولد الشهباء وتكون عنك بمثابة رهينة تضمن طاعة والدها الشيخ أحماد"...
كان القائد همو شوكا ورمزا للاستبداد والإقطاع المخزني (المخزن مصطلح مغربي يطلق على الدولة) همه الوحيد إرضاء رؤسائه وقهر مرؤوسيه وتجميع وسائل الجاه والمتعة والتملك ضدا في شيوخ (أهل النصف والفج الاعلا والفج الأسفل وممر الريح والقعدات واعلى الوادي وسفح الضباب وشعاب الملح وشعاب البساتين ووادي الزيتون واهل المعزى والمنازل والقدامى وأيت أبرييم).
رواية شجيرة حناء وقمر تأليف أحمد التوفيق
رواية شجيرة حناء وقمر بقلم أحمد التوفيق..