تؤكد خرافة العود الأبدي، سلبًا، أن الحياة التي تختفي نهائيًا، والتي لا ترجع، إنما هي أشبه بظل ودون وزن وميتة سلفًا. ومهما تكن هذه الحياة فظيعة أو جميلة أو رائعة، فان هذه الفظاعة وهذا الجمال وهذه الروعة لا تعن شيئًا، هي غير ذات أهمية مثل حرب وقعت في القرن الرابع عشر بين مملكتين إفريقيتين فما غيرت شيئًا في وجه التاريخ، مع أن ثلاثمائة ألف زنجي لاقوا فيها حتفهم وفي عذابات تفوق الوصف. فهل كان سيتغير شيء لو أن هذه الحرب بين المملكتين الإفريقيتين في القرن الرابع عشر قد تكررت مرات لا حصر لها في سياق العود الأبدي.
لنقل أن فكرة العود الأبدي تحدد أفقًا لا تبدو فيه الأشياء كما نعرفها: تظهر لنا من دون الظروف التخفيفية لعرضيتها، هذه الظروف التخفيفية تمنعنا في الحقيقة من إصدار حكم معين. هل بالإمكان إدانة ما هو زائل؟ إن غيوم المغيب البرتقالية تضفي على كل شيء ألق الحنين، حتى على المقصلة.
في عالم العود الأبدي، كل حركة تحمل ثقل مسؤولية لا تطاق. وهذا ما جعل نيتشه يقول" إن فكرة العود الأبدي هي الحمل الاكثر ثقلًا".
إذا كان العود الأبدي هو الحمل الأثقل، يمكن لحيواتنا عندئذ أن تظهر على هذه القماشة الخلفية بكل خفتها الرائعة.
لكن هل الثقل حقا فظيع؟ وجميلة هي الخفة؟
رواية كائن لا تحتمل خفته تأليف ميلان كونديرا
العود الأبدي فكرة يكتنفها الغموض، وبها أربك نيتشه الكثيرين من الفلاسفة: أن نتصور أن كل شيء سيتكرر ذات يوم كما عشناه في السابق، وأن هذا التكرار بالذات سيتكرر بلا نهاية! ماذا تعني هذه الخرافة المجنونة؟