رواية ليلى والثلج ولودميلا

تأليف : كفى الزعبي

النوعية : روايات

"سارت ببطء يغمرها النور الصاخب والصفاء. لم تكن تفكر بشيء بقدر ما غرقت بأحاسيسها. ثم فتحت أزرار معطفها وخلعته وسارت بخفة كأنها خلعت بلحظة وبحركة واحدة وطأة البرد الطويل، ورمته عن كاهله. لكن، وبدل أن ينساب الصفاء إلى داخلها، شعرت به ينطوي على قوة عاصفة، طفقت

  تثور في أعماقها مساحة شاسعة ملغومة من الفراغ. كانت تدرك تماماً، وربما لسوء حظها، أنه لا يوجد في هذه الدنيا شيء يمكنه ملء ذلك الفراغ سوى الحب. ثمة علاقة خفية تربط الربيع بالحب! كانت ليلى الفتاة العربية التي تعيش في بطرسبورغ وتحيا، في السنوات الأخيرة، نمط حياة يكاد يكون مبرمجاً، تدّعي أن لا وقت للحب في حياتها، لا سيما في الفترة الراهنة، فإنهاء الدراسة بنجاح والحصول على شهادة طبية متخصصة، كانا هدفاً يشغل المرتبة الأولى في قائمة اهتماماتها، ثم إن الفرصة التي سنحت لها بالحصول على عمل إضافي في مركز التجميل، قد حلت مشكلة مالية كبيرة لديها، وحررت أهلها من عبء مصاريفها. وبالتالي، كما كانت تصرح فإنه لا وقت لديها على الإطلاق للحياة الخاصة. أما التفريط بالدراسة أو العمل في سبيل ذلك، فإنه وبلا شك يعدّ ضرباً من ضروب الحماقة. عندما صاغت المعادلة بهذا الشكل، شعرت بالراحة، فهذه المعادلة لم تقدم للآخرين تبريراً منطقياً ومقنعاً لوحدتها، وإنما كانت بمثابة حجة دامغة حسمت بها أي شطحة، من تلك الشطحات، يمكن أن تدور في رحاب روحها. "ولكن! هل حسمت بالفعل؟ -تساءلت في نفسها-وهل، وهذا هو السؤال الأهم، أن هذه المعادلة، أي الدراسة والعمل، هي السبب الفعلي الذي يعيق الحب؟ أم أنني ببساطة وبصراحة أستعملها كدرع أداري خلفه فشلاً عاطفياً ذريعاً عانيت وما زلت أعاني منه؟!!" لم تفكر ليلى بهذه الأسئلة بقدر ما شعرت بها تعوم وسط فراغ يتسع ويتسع ويلتهمها من الداخل". تنفتح الرواية على مشهد يوم جمعة ماطر وهو أحد الأيام الأولى من شهر أيار حيث بدت مدينة بطرسبورغ المغمورة في هالة رمادية معتمة، وكل شيء فيها مبلل وكئيب، والسيول تغطي شوارعها، حيث بدت وكأنها بالفعل غارقة في مستنقع قاتم لا يجف أبداً. وتتوسع المشاهد وتدخل الشخصيات لتحدد مسار المشهد الروائي، ليلى فتاة عربية تدرس الطب في مدينة بطرسبورغ وتلتقي بلودميلا صاحبة المنزل الذي كان لليلى الفرصة في الإقامة في إحدى غرفه، وتكون لودميلا المرأة التي لفتت نظر ليلى إلى وحدتها دون أن يكون لها تجربة عاطفية. وتمضي الرواية في سردياتها التي تمتلئ بالأحداث الشيقة المتفاعلة سبب تجربة عاطفية عاشتها ليلى مع أندري الصديق الذي كانت قد التقت به مذ وطئت قدماها أرض بطرسبورغ. ولكن تمضي السنوات لتعود لالتقاء به وتكون هناك قصة عاطفية لا تعدو كونها نزوة عاشتها ليلى في تلك المدينة.  

شارك الكتاب مع اصدقائك