إن وقع الأحذية الخشنة هي أصغر روايات واسيني حجماً، وأكثرها جدلاً؛ عندما صدرت كان الكاتب شاباً، ما يزال طالباً في الدراسات العليا في دمشق؛ انقسم النقد الأدبي العربي في إستقبالها إلى قسمين؛ بقدر ما رحب بها النقد الأدبي الإعلامي والجامعي،
فقد اختزلها البعض الآخر في سيرة ذاتية ترسم جزءاً خفيّاً من حياة الكاتب؛ مع أن مشروع واسيني الروائي، كما سيتبدى لاحقاً، في نصوصه التاريخية، كان أكبر من ذلك بكثير. كادت هذه الرواية أن توصل صاحبها إلى المحكمة بتهم مختلفة،، من القذف إلى تهمة المس بالثوابت الوطنية، التي تحولت إلى سيف ديموقليس يسلّط على رقبة كل من يظهر وجهة نقدية مخالفة للتواطؤ العام؛ مع أن وقع الأحذية الخشنة التي كتبت في ظل الأزمات العربية الكبرى، إنهيار المشروع القومي وتحوله إلى فاشيات صغيرة، زيارة السادات إلى إسرائيل وتوقيع إتفاقيات كيمب دافيد، سقوط حلم الثورات العربية التي تحولت إلى شعارات مكتبية أكثر منها فعلاً حقيقياً. الرواية، في نهاية المطاف، لم تقل إلا هذه الخيبة والكسر الداخلي العميق من خلال قصة حب خرجت عن المألوف في مسارها، وفي عنقها، رواية تعيد النظر في المسلم به في دواخلنا، وتضعنا بعنف من خلال مشهدية قاسية، نتهرب منها لكي نواجهها، وهي بهذا نتقاطع على الأقل من حيث الجوهر، مع نصوص عالمية صغيرة من حيث الحجم وقوية في تجلياتها: التحول لفرانتز كافكا، الشيخ والبحر لإرنست همنجواي، سارازين لهونوري دو بلزاك، والفارس والموت للكاتب الإيطالي ليوناردو سياسياً، القيمة العالية في مثل هذه النصوص، لا تتجلى من تفاصيلها المباشرة، ولكن من الدرس المتخفي الذي تقوله في غفلة من الثالوث المحرم: الديني، الإجتماعي، والسياسي.