رواية يأتي في الربيع

تأليف : أميرة المضحي

النوعية : روايات

رواية يأتي في الربيع بقلم أميرة المضحي.. منذ الفصل الأول الذي تمت عنونته بعام الدهشة في رواية «يأتي في الربيع» للكاتبة أميرة المضحي والصادرة عن دار الكفاح للنشر والتوزيع 2016 يتبين للقارئ أنه مقبل على عمل يخبئ بين ثناياه كثيراً من الحب وكثيراً من الحزن والخيبة.

 الحب الذي نشأ بين دلال سعود عبدالرحيم «الممرضة التي تنتمي للعائلة السنية» وحامد علي السيد «الطبيب الشيعي الذي ينتمي للعائلة الشيعية في جزيرة تاروت»، إذجمع القدر بينهما في مستشفى واحد بعد لقاء قصير في مطار القاهرة وهو لقاء على الهامش، إلا أنه بقي مختزلاً في الذاكرة. تلك الذاكرة التي تمثل النسق العام لبنية الرواية وعوالمها التي تلامس منطقة قد تكون مهمة في تاريخ موروثنا الإسلامي والاجتماعي، إذ يستمع قارئ الرواية لصوتين يمزجان الحب بينهما على رغم التحديات التي خلفتها الأعراف والتقاليد. ثمة جدل حول تلك العلاقة العاطفية التي نشأت بين حامد ودلال. جدل ممتد عبر قرون طويلة يمس الموروث الديني والاجتماعي، هذا الجدل لم يكن لدلال وحامد ذنب فيه سوى أنهما ينتميان لعائلتين تعتنقان مذهبين مختلفين، لكن إصرار العاشقين جعلهما يتخطيان كل تلك الموروثات والعادات ويقيمان علاقة درامية عاطفية – إن صح التعبير – من دون الرضوخ إلى قوانين العائلتين وتشددهما تجاه هذا الحب، ما يجبرهما على الهروب من هذا المستنقع الطائفي الحانق إلى حديقة غناء من الشوق والحب والجمال ثم الزواج.
«من نحن، ومن نكون؟ سؤال عام ورد في إحدى صفحات الرواية يكاد يهيمن على واقعنا المعاش المنحاز لعوالم وموروثات تاريخنا، إنه سؤال الخوف عما سيكون من مصير في مرحلتنا المقبلة، وكيف نجابه هذا الخوف الطويل؟ هل سيكون بالمواجهة الحقيقية التي تفصح عن إرادتنا؟ أم الهروب من هذا الواقع المتخلف والحاقد والمنبعث من قلوب صدئة لا تزال تعالج الحقيقة بالإثم؟ على حد قول الكاتبة: «نحن المصابون بالهزائم العميقة، الممزقون بجروح التاريخ، المخدرون بالدين، والمخدوعون دوما».
إنها معركة قائمة بين عائلتي حامد ودلال، معركة تمتد من تاريخ طويل ليس لبطلي الرواية يد فيه فحامد الذي يريد الزواج من حبيبته صدم من موقف أبيه وأخوته، لكنه لم يتفاجأ بذلك بل كان أمراً متوقعاً، لكنه لجأ إلى عمه المنفتح وهو لجوء موقت، إذ إن آثار زواجه من دلال بقيت، تماماً كما دلال التي افتخرت بموقف أبيها المتفهم، لكنها لم تسلم من عواقب عمها المتشدد القاضي في المحكمة الشرعية، الذي قرر وبعد وفاة أبيها عدم تكافؤ النسب بينهما، ومن هنا ندرك السلطة الذاتية والجمعية التي تنشغل بالوهم وتخشى على نفسها من الآثار والعواقب المتحتمة على هذا الفعل اللامتوافق على حد تفكير العائلتين. إنها أزمة مجتمع ترسخ تحت وطأة التقاليد والعرف وتكبل الحرية التي جاء بها الإسلام، تلك الأزمة الذاتية أو حتى المجتمعية تحيك التخلف والتأخير حتى في تفكيرنا مما يجمد مشاريع الحياة ويصيبها بالترهل، فمثل هذه الموروثات قد تجاوزها الإسلام بل حتى الشعوب ذات الحضارة الغربية وتم تغييبها كي لا تؤثر في مستوى التطور الحضاري للبلد.
إن الكاتبة بوبت روايتها بـ28 فصلاً أجرتها على لسان بطلي الرواية حامد ودلال بدأتها بعنوان «عام الدهشة» وانتهت في الفصل الأخير بعنوان إلى أين؟ حيث مغادرة «دلال» في نهاية الرواية إلى «الولايات المتحدة» بعد قسوة العائلة عليها، وتركت حامد يقرر إما اللحاق بها أو الرضوخ للمأزق الاجتماعي.
«يبدو أننا مجرد نرد وهناك من يرمي بنا كل مرة، وربما تكون الحياة كلها مجرد نرد أيضاً» هذا ما كُتب خلف غلاف الرواية التي تتكئ على بنية فنية وأدبية مشوقة تحمل فكرة ترصد لمرحلة مهمة في واقعنا، وتسعى لتقديم قيمة إنسانية تؤصل للحرية والحلم، وتقصي كل تبعات الماضي الذي بناه بعض الموهومين على الخوف والنسب وطرح الأسئلة التي طالما أفرزت عن القبح الاجتماعي والطائفي والقبلي الذي لا تزال عواقبه في زمننا هذا.
رواية تطلق احتجاجاً واضحاً على تلك القيود التي نهشت حرياتنا وأصابتنا بالعمى الاجتماعي وجردتنا من قيمنا، حتى أصبحت مفاهيمنا تبنى على العرف الذي ابتلي بذهنيات إقصائية تسعى – للأسف – للتأجيج والانقسام وصياغة خطوط متعرجة ومزيفة، ما نتج منه خيبة أمل تكاد تكون نهايتها وآثارها الرحيل من هذا الواقع المتخبط في أعرافه وتقاليده.
* طاهر الزارعي

على غلاف الرواية:
يبدو بأننا مجرد نرد وهناك من يرمي بنا كل مرة، وربما تكون الحياة كلها مجرد نرد أيضًا نرمى به فيهبنا الاحتمالات
الكثيرة، التي لا تنتهي. كل شيء هو احتمال دائمًا، فقراراتنا، أحلامنا، ردود أفعالنا الغير متوقعة، غضبنا وإيماننا، وحياتنا. كل شيء يتأرجح بين إرادتنا وبين إرادة الله.
ليس هناك إلا الاحتمالات إذن

شارك الكتاب مع اصدقائك