كتاب الأسطورة في روايات نجيب محفوظ

كتاب الأسطورة في روايات نجيب محفوظ

تأليف : سناء شعلان

النوعية : الأدب

كتاب الأسطورة في روايات نجيب محفوظ  بقلم سناء شعلان....هذا الكتاب النقدي المتخصّص هو للأديبة أ. د. سناء شعلان، وقد صدر في عام 2006 عن نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي في قطر في طبعته الأولى، وهو يقع في 429 صفحة من القطع الكبير،ويتكون من 8 فصول. قد قدمت سناء شعلان هذا الكتاب بعد أن نالتْ عليه درجة  الدكتوراه بدرجة الامتياز في الجامعة الأردنية في عمان/ الأردن. هذه هي الأطروحة الأخيرة التي قدّمت لنيل درجة علمية عن نجيب محفوظ في حياته قبيل رحيله بفترة وجيزة. هذا الكتاب يُعنى بدراسة توظيف الأسطورة في بعض روايات نجيب محفوظ، وينطلق من أهميّة رصد الأسطورة، وتحليلها، وتفكيك رموزها وصولاً إلى الإحالات والتأويلات التي تنفتح عليها، لا سيما أنّ توظيف الأسطورة هو أحد الأشكال التي تؤلّف المشهد الروائي عند نجيب محفوظ، الذي يطالعنا بثروة روائية ضخمة، وبحالة إبداعية روائية متفرّدة كمّاً ونوعاً، جعلته قبلة للدراسات، لا سيما أنّ كلّ جانب أو ملمح من ملامح نتاجه الروائي يستحق الوقوف عنده دراسةً وتمحيصاً. تقول سناء شعلان في مقدمة كتابها: "هناك الكثير من الدراسات عن نجيب محفوظ وعن أدبه، يضيق بذكرها المقام، ولكن الملمح الجامع والمسوّغ لهذه الدراسة عبر استعراض كلّ تلك الدراسات عدم تصدّيها لدراسة الأسطورة في عطاء محفوظ الروائي، والتفاتها إلى قضايا ونواحي أخرى للدراسة، إلاّ ما جاء في معرض الحديث، وهو ليس هدفاً للدراسة، وهو لا يعوّل عليه في رسم صورة نقدية ضمن منهجية واضحة تبغي فهم الأبعاد الإبداعية الجمالية والترميزية لتوظيف كهذا. بذا يبقى البعد الأسطوري عند نجيب محفوظ موضوعاً يحتاج إلى دراسة متخصّصة مستفيضة، في ضوء ما يُظنّ أنّ الموروث الحكائي يعدّ أحد أهم الحوامل التي شادتْ الرواية العربية المعاصرة معمارها الجديد عليه، وفي مقدّمة ذلك روايات نجيب محفوظ. وتمثّل الأسطورة، بوصفها واحداً من منابع هذا الموروث، مرجعاً أساسياً من المرجعيات النصية الرّمزية والفنية التي مكّنت الرواية من تحقيق تقدّم نوعي على المستويين: المضموني والجمالي، والدخول في مرحلة تجاوز الارتهان إلى منجز سابق مأسور للنقل الآلي عن الواقع، والتحرّر من الأعراف التقليدية للرواية، والتأهيل لأعراف جمالية روائية عربية". تقول سناء شعلان في كتابها كذلك: "وقد حقّق استلهام نجيب محفوظ للأسطورة في رواياته تميّزاً لخطابه الروائي، بل وللخطاب الروائي عامة، وهذا الاستلهام لم يتمّ بمعزل عن حركة الثقافة العربية، والواقع العربي، بل هو استلهام يمكننا القول إنّه يتعاطى رسم الواقع، ولكن بخطاب أسطوري، يميل مباشرة إلى الواقع، ويفصح عن معايبه ومثالبه، ويمجّد ثوراته وانعتاقه من أغلاله. على أنّ هذا النزوع الأسطوري عند نجيب محفوظ جاء في وقت تجلّت بواكير اتجاهه في الأدب المسرحي الذي اتكأ كثيراً على الأسطورة، جزئياً أو كلياً ليقدّم منتجاً مسرحياً وَفْق الحاجة الحضارية/الجمالية للثقافة العربية، تلك الحاجة التي وجدت مبتغاها أخيراً في الجنس الروائي الذي تشكّل ظاهرة النزوع الأسطوري فيه حضوراً قوي الدلالة لتحوّلات الحركة الثقافية العربية، ولاستجابة الرواية العربية لهذه التحوّلات. ظاهرة توظيف الأسطورة في الخطاب الروائي بشكل عام لا تزال ظاهرة في حاجة إلى المزيد من الاهتمام والتقدير، فنحن لا نجد إلاّ القليل من الدراسات في هذا الشأن".و بناء على ذلك فسناء الشعلان تطمح في كتابه هذا إلى رصد الظاهرة الأسطورية في أعمال نجيب محفوظ، وهي دراسة غير مسبقة بدراسات مستقلة، إلاّ من بعض الشذرات والإشارات المتناثرة هنا وهناك، غير المستوفاة؛ لأنّها تقتصر على فكرة أو ومضة أو وقفة عند رواية أو أكثر، لا سيما أنّ الأسطورة لم تعد صفة مميزة للمجتمعات البدائية وحسب، أو وقفاً على تفسير بدائي خرافي لظاهرة أو أخرى، أو تعليلاً ساذجاً للنشوء، بل غدت عنصراً بنائياً امتدّ إلى البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات الحديثة، وبات الوقوف عليه، واستقراؤه أمراً ملحاً في وقت غدت المجتمعات تنشئ لنفسها أساطيرها الخاصة، وكأنّ العقل البشري لا يزال ينزع إلى ابتكار قوي غيبية تسيطر على الكون والحياة، ومن ثم الاستسلام لهذه القوى. لقد سعى الكتاب أيضاً إلى الوقوف على بواعث هذه الظاهرة وتجلياتها وسماتها الفنية في روايات نجيب محفوظ، لتقديم قراءة لخطابه الروائي.وموضوع الكتاب هو ما يتجلّى في نصوصه من توظيف الأسطورة كلّياً أو جزئيّاً، ظاهراً أو مضمراً، أو استدعاءَ الرموز الأسطورية، أو الحدث الأسطوري أو المكان الأسطوري أو الرمز الأسطوري، أو اللغة الأسطورية، أو الشخصية الأسطورية، أو الزمن الأسطوري، أو الكائنات والموجودات الأسطورية، أو بناء عوالم تخيلية تتصل بعلاقة أو نسب أو تشابهه مع العوالم الأسطورية، توظيفاً قد يشمل العناصر المذكورة مجتمعة، أو غير مجتمعة. هي تدرج في مصادر الدراسة الروايات التاريخية الأولى لنجيب محفوظ: (عبث الأقدار) 1999، (رادوبيس) 1943، (وكفاح طيبة) 1944، على اعتبار أنّها قد استحضرت الأسطورة فيما استحضرتْ من مفردات فكرية وثقافية واجتماعية ضمن خطة لإعادة كتابة التاريخ الفرعوني لمصر بطريقة روائية، وهي خطة كان نجيب محفوظ قد اختطها لنفسه في بداية مشروعه الإبداعي، ثم تراجع عنها، لصالح الرواية الاجتماعية، ومن ثم لصالح الرواية الفلسفية. بذلك تخالف الدراسة بعض الدراسات النقدية التي استبعدت هذه الروايات التاريخية لنجيب محفوظ من معرض دراستها للنزوع الأسطوري في الروايات العربية على اعتبار أنّ الأسطورة لا ترد فيها متماهية مع النسيج الحكائي، ولكن محمولة على التاريخ الذي ترصده الرواية، وذلك لاعتقاد الباحثة بأنّ الأسطورة في هذه الروايات قد دخلت في مبناها الحكائي بحق، وعُزي إليها تفسير كثير من أحداث الرواية وعلاقات الشخصيات بمحيطها وبمفردات حياتها وعالمها، كما أنّها تدخل في تشكيل الحبكة الروائية ونحوها، بغض النظر عن أنّ استدعاء الأسطورة كان حاجة روائية ذات بعد تاريخي توثيقي له دوره في رسم صورة تقريبية للواقع المصري القديم الذي تشكل الأسطورة أحد روافده وصوره وتجلياته.مع الحرص في الوقت ذاته على بيان العلاقة بين الأسطورة والأثر الفني لاستخدامها في الرواية، انسجاماً مع توجه الكاتب المعاصر إلى موتيفات خرافية لها دلالتها العامة في وجدان الجماعة، ويمكن توظيفها بعد أن تُعدّل بالأسلوب الذي يرتضيه منطق الفنان، ومدى صدقه. استوى الكتاب تبعاً لذلك في تمهيد وثمانية فصول. أمّا التمهيد ففيه تحديدٌ لمنطلقات الدراسة، وإضاءة حول منهجها ومفاهيمها ؛فيبدأ الكتاب بتعريف موسّع للأسطورة التي هي من أهم مظان التفكير الإنساني، ومن ثم رصد العلاقة بين الأسطورة والدين والطقوس السحرية، والعلاقة بين الأسطورة والتاريخ والواقع، انتهاءً بالعلاقة بين الأسطورة والرمز، والعلاقة بين الأسطورة والأدب، ومن ثم محاولة رصد تلك النصوص الإبداعية المجاورة والمتداخلة بالأسطورة، في نسقين أحدهما: الأدب، والآخر هو المنجز الإبداعي الشفاهي الجمعي. توقف الكتاب عند المنهج الأسطوري الذي أُعتمد في البحث، فعرّفت به، وبمنطلقاته وأسسه، وعيوبه وحسناته في التنظير، أو في التطبيق.وحاول الكتاب الكشف عن بواعث الأسطورة في روايات نجيب محفوظ، وهي ثلاثة بواعثَ، وهي: الباعث الفني المتمثّل في البحث عن شكل ذي قدرة على الترميز، والباعث الثقافي ممثلاً في تأثّر نجيب محفوظ بالفلسفة، وتأثره بجماليات المكان، وتأثّره بالترجمة، وتأثره بالتراث العربي والعالمي الزاخر بالحكايات والأساطير. وأخيراً الباعث السياسي، المتمثّل في: الظروف السياسية، والاضطهاد السياسي. أمّا فصول الكتاب فكانت ثمانية محاور رئيسيّة، تفرّعت عنها عناوين داخلية، وتقسيمات عضويّة، فقد كان الفصل الأوّل بعنوان (المكان الأسطوري، والفصل الثاني بعنوان (الزمن الأسطوري)، والفصل الثالث بعنوان (الحدث الأسطوريّ)، والفصل الرابع بعنوان (الشخصية الأسطوري)، والفصل الخامس بعنوان (الكائنات الأسطوريّة)، والفصل السادس بعنوان (الموجودات الأسطوريّة)، والفصل السابع بعنوان (الرمز الأسطوري)، والفصل الثامن بعنوان (اللغة الأسطورية). وقد توزّعت مادة الدراسة على هذه الفصول، التي فرّعت المادة المدروسة على أبرز عناصر مشكّلات العمل الروائي. وشكّل كلّ منها ملمحاً من ملامح النزوع إلى توظيف الأسطورة في روايات نجيب محفوظ. لقد حرصتْ سناء شعلان على أن تتبّع المادة المدروسة/روايات نجيب محفوظ مخضعة إيّاها للترتيب الزمني، وَفْق تاريخ تأليفها، فكانت الرواية المؤلّفة أوّلاً، هي في بداية الدراسة، ومن ثم تتوالى دراسة الروايات وَفْق ترتيبها الزمني. وهو ترتيب لا يفرض –بالطبع- على الباحثة أن تدرس كلّ الروايات؛ إذ إنّ بعضها لا يمثّل أبداً أيّ نزوع نحو الأسطورة، ولكنّه يفرض عليها أن تتوقّف عندها بالبحث والمعاينة، قبل استثنائها من الدراسة؛ لاتخاذها وجهة غير وجهة توظيف الأسطورة. لذلك توقّف الكتاب إزاء الروايات التي مثّلت بحق نزوعاً نحو ذلك، وأغفل بذلك دراسة أيّ رواية أومأت إيماء إلى الأسطورة، أو وقفتْ عندها وقفة أو وقفتين، دون أن تدخل الأسطورة في نسيجها البنائي، وفي متنها الحكائي. تقول شعلان في معرض حديثها عن كتابها :" لا يُشترط في الرواية الواحدة أن تتمثّل كلّ أشكال النزوع الأسطوري، وأفانين استخدام الأسطورة، وإنّما يكفي أن تكون متمثّلة لذلك النزوع بشكل كامل وواضح، ومتداخل مع نسيجها الروائي، وهذا لا ينفي بالطبع احتواء كثير من روايات نجيب محفوظ، وهذا الملمح الأغلب، على أكثر من شكل من أشكال النزوع الأسطوري. وبناءً على ذلك قد نجد الرواية الواحدة، تُدرس في أكثر من فصل من فصول هذا الكتاب، وَفق شكل النزوع المستهدف بالبحث، وتبعاً لذلك يتفاوت حظّ كلّ رواية حسبما توافرت عليه من أشكال هذا النزوع، التي تتأثّر بموضوع الرواية، وشكلها الفني، وتعالقاتها مع أشكال فنيّة موروثة لها ألفة معروفة مع الأسطورة. لقد خلص الكتاب إلى طائفة من النتائج. كما استوف بنيته في بثلاثة ملاحق، أولها بيبولوغرافيا بروايات نجيب محفوظ حتى زمن الانتهاء من الدراسة، وثانيها وقفة تعريفيّةعند نجيب محفوظ، وثالثها معجم بأسماء الآلهة والشخصيات الأسطوريّة والكائنات الخرافية والأماكن الأسطوريّة الواردة فيها. تقول شعلان بأسىً في معرض حديثها عن كتابها: "إنّها كانت تأمل أن تهدي الكتاب لنجيب محفوظ، وأن تناقشه في بعض الأفكار الواردة فيها، وأن تطرح عليه بعض الأسئلة التي تلحّ عليه عن بعض رواياته، لكنّ الموت كان لنجيب محفوظ بالمرصاد".
كتاب الأسطورة في روايات نجيب محفوظ  بقلم سناء شعلان....هذا الكتاب النقدي المتخصّص هو للأديبة أ. د. سناء شعلان، وقد صدر في عام 2006 عن نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي في قطر في طبعته الأولى، وهو يقع في 429 صفحة من القطع الكبير،ويتكون من 8 فصول. قد قدمت سناء شعلان هذا الكتاب بعد أن نالتْ عليه درجة  الدكتوراه بدرجة الامتياز في الجامعة الأردنية في عمان/ الأردن. هذه هي الأطروحة الأخيرة التي قدّمت لنيل درجة علمية عن نجيب محفوظ في حياته قبيل رحيله بفترة وجيزة. هذا الكتاب يُعنى بدراسة توظيف الأسطورة في بعض روايات نجيب محفوظ، وينطلق من أهميّة رصد الأسطورة، وتحليلها، وتفكيك رموزها وصولاً إلى الإحالات والتأويلات التي تنفتح عليها، لا سيما أنّ توظيف الأسطورة هو أحد الأشكال التي تؤلّف المشهد الروائي عند نجيب محفوظ، الذي يطالعنا بثروة روائية ضخمة، وبحالة إبداعية روائية متفرّدة كمّاً ونوعاً، جعلته قبلة للدراسات، لا سيما أنّ كلّ جانب أو ملمح من ملامح نتاجه الروائي يستحق الوقوف عنده دراسةً وتمحيصاً. تقول سناء شعلان في مقدمة كتابها: "هناك الكثير من الدراسات عن نجيب محفوظ وعن أدبه، يضيق بذكرها المقام، ولكن الملمح الجامع والمسوّغ لهذه الدراسة عبر استعراض كلّ تلك الدراسات عدم تصدّيها لدراسة الأسطورة في عطاء محفوظ الروائي، والتفاتها إلى قضايا ونواحي أخرى للدراسة، إلاّ ما جاء في معرض الحديث، وهو ليس هدفاً للدراسة، وهو لا يعوّل عليه في رسم صورة نقدية ضمن منهجية واضحة تبغي فهم الأبعاد الإبداعية الجمالية والترميزية لتوظيف كهذا. بذا يبقى البعد الأسطوري عند نجيب محفوظ موضوعاً يحتاج إلى دراسة متخصّصة مستفيضة، في ضوء ما يُظنّ أنّ الموروث الحكائي يعدّ أحد أهم الحوامل التي شادتْ الرواية العربية المعاصرة معمارها الجديد عليه، وفي مقدّمة ذلك روايات نجيب محفوظ. وتمثّل الأسطورة، بوصفها واحداً من منابع هذا الموروث، مرجعاً أساسياً من المرجعيات النصية الرّمزية والفنية التي مكّنت الرواية من تحقيق تقدّم نوعي على المستويين: المضموني والجمالي، والدخول في مرحلة تجاوز الارتهان إلى منجز سابق مأسور للنقل الآلي عن الواقع، والتحرّر من الأعراف التقليدية للرواية، والتأهيل لأعراف جمالية روائية عربية". تقول سناء شعلان في كتابها كذلك: "وقد حقّق استلهام نجيب محفوظ للأسطورة في رواياته تميّزاً لخطابه الروائي، بل وللخطاب الروائي عامة، وهذا الاستلهام لم يتمّ بمعزل عن حركة الثقافة العربية، والواقع العربي، بل هو استلهام يمكننا القول إنّه يتعاطى رسم الواقع، ولكن بخطاب أسطوري، يميل مباشرة إلى الواقع، ويفصح عن معايبه ومثالبه، ويمجّد ثوراته وانعتاقه من أغلاله. على أنّ هذا النزوع الأسطوري عند نجيب محفوظ جاء في وقت تجلّت بواكير اتجاهه في الأدب المسرحي الذي اتكأ كثيراً على الأسطورة، جزئياً أو كلياً ليقدّم منتجاً مسرحياً وَفْق الحاجة الحضارية/الجمالية للثقافة العربية، تلك الحاجة التي وجدت مبتغاها أخيراً في الجنس الروائي الذي تشكّل ظاهرة النزوع الأسطوري فيه حضوراً قوي الدلالة لتحوّلات الحركة الثقافية العربية، ولاستجابة الرواية العربية لهذه التحوّلات. ظاهرة توظيف الأسطورة في الخطاب الروائي بشكل عام لا تزال ظاهرة في حاجة إلى المزيد من الاهتمام والتقدير، فنحن لا نجد إلاّ القليل من الدراسات في هذا الشأن".و بناء على ذلك فسناء الشعلان تطمح في كتابه هذا إلى رصد الظاهرة الأسطورية في أعمال نجيب محفوظ، وهي دراسة غير مسبقة بدراسات مستقلة، إلاّ من بعض الشذرات والإشارات المتناثرة هنا وهناك، غير المستوفاة؛ لأنّها تقتصر على فكرة أو ومضة أو وقفة عند رواية أو أكثر، لا سيما أنّ الأسطورة لم تعد صفة مميزة للمجتمعات البدائية وحسب، أو وقفاً على تفسير بدائي خرافي لظاهرة أو أخرى، أو تعليلاً ساذجاً للنشوء، بل غدت عنصراً بنائياً امتدّ إلى البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات الحديثة، وبات الوقوف عليه، واستقراؤه أمراً ملحاً في وقت غدت المجتمعات تنشئ لنفسها أساطيرها الخاصة، وكأنّ العقل البشري لا يزال ينزع إلى ابتكار قوي غيبية تسيطر على الكون والحياة، ومن ثم الاستسلام لهذه القوى. لقد سعى الكتاب أيضاً إلى الوقوف على بواعث هذه الظاهرة وتجلياتها وسماتها الفنية في روايات نجيب محفوظ، لتقديم قراءة لخطابه الروائي.وموضوع الكتاب هو ما يتجلّى في نصوصه من توظيف الأسطورة كلّياً أو جزئيّاً، ظاهراً أو مضمراً، أو استدعاءَ الرموز الأسطورية، أو الحدث الأسطوري أو المكان الأسطوري أو الرمز الأسطوري، أو اللغة الأسطورية، أو الشخصية الأسطورية، أو الزمن الأسطوري، أو الكائنات والموجودات الأسطورية، أو بناء عوالم تخيلية تتصل بعلاقة أو نسب أو تشابهه مع العوالم الأسطورية، توظيفاً قد يشمل العناصر المذكورة مجتمعة، أو غير مجتمعة. هي تدرج في مصادر الدراسة الروايات التاريخية الأولى لنجيب محفوظ: (عبث الأقدار) 1999، (رادوبيس) 1943، (وكفاح طيبة) 1944، على اعتبار أنّها قد استحضرت الأسطورة فيما استحضرتْ من مفردات فكرية وثقافية واجتماعية ضمن خطة لإعادة كتابة التاريخ الفرعوني لمصر بطريقة روائية، وهي خطة كان نجيب محفوظ قد اختطها لنفسه في بداية مشروعه الإبداعي، ثم تراجع عنها، لصالح الرواية الاجتماعية، ومن ثم لصالح الرواية الفلسفية. بذلك تخالف الدراسة بعض الدراسات النقدية التي استبعدت هذه الروايات التاريخية لنجيب محفوظ من معرض دراستها للنزوع الأسطوري في الروايات العربية على اعتبار أنّ الأسطورة لا ترد فيها متماهية مع النسيج الحكائي، ولكن محمولة على التاريخ الذي ترصده الرواية، وذلك لاعتقاد الباحثة بأنّ الأسطورة في هذه الروايات قد دخلت في مبناها الحكائي بحق، وعُزي إليها تفسير كثير من أحداث الرواية وعلاقات الشخصيات بمحيطها وبمفردات حياتها وعالمها، كما أنّها تدخل في تشكيل الحبكة الروائية ونحوها، بغض النظر عن أنّ استدعاء الأسطورة كان حاجة روائية ذات بعد تاريخي توثيقي له دوره في رسم صورة تقريبية للواقع المصري القديم الذي تشكل الأسطورة أحد روافده وصوره وتجلياته.مع الحرص في الوقت ذاته على بيان العلاقة بين الأسطورة والأثر الفني لاستخدامها في الرواية، انسجاماً مع توجه الكاتب المعاصر إلى موتيفات خرافية لها دلالتها العامة في وجدان الجماعة، ويمكن توظيفها بعد أن تُعدّل بالأسلوب الذي يرتضيه منطق الفنان، ومدى صدقه. استوى الكتاب تبعاً لذلك في تمهيد وثمانية فصول. أمّا التمهيد ففيه تحديدٌ لمنطلقات الدراسة، وإضاءة حول منهجها ومفاهيمها ؛فيبدأ الكتاب بتعريف موسّع للأسطورة التي هي من أهم مظان التفكير الإنساني، ومن ثم رصد العلاقة بين الأسطورة والدين والطقوس السحرية، والعلاقة بين الأسطورة والتاريخ والواقع، انتهاءً بالعلاقة بين الأسطورة والرمز، والعلاقة بين الأسطورة والأدب، ومن ثم محاولة رصد تلك النصوص الإبداعية المجاورة والمتداخلة بالأسطورة، في نسقين أحدهما: الأدب، والآخر هو المنجز الإبداعي الشفاهي الجمعي. توقف الكتاب عند المنهج الأسطوري الذي أُعتمد في البحث، فعرّفت به، وبمنطلقاته وأسسه، وعيوبه وحسناته في التنظير، أو في التطبيق.وحاول الكتاب الكشف عن بواعث الأسطورة في روايات نجيب محفوظ، وهي ثلاثة بواعثَ، وهي: الباعث الفني المتمثّل في البحث عن شكل ذي قدرة على الترميز، والباعث الثقافي ممثلاً في تأثّر نجيب محفوظ بالفلسفة، وتأثره بجماليات المكان، وتأثّره بالترجمة، وتأثره بالتراث العربي والعالمي الزاخر بالحكايات والأساطير. وأخيراً الباعث السياسي، المتمثّل في: الظروف السياسية، والاضطهاد السياسي. أمّا فصول الكتاب فكانت ثمانية محاور رئيسيّة، تفرّعت عنها عناوين داخلية، وتقسيمات عضويّة، فقد كان الفصل الأوّل بعنوان (المكان الأسطوري، والفصل الثاني بعنوان (الزمن الأسطوري)، والفصل الثالث بعنوان (الحدث الأسطوريّ)، والفصل الرابع بعنوان (الشخصية الأسطوري)، والفصل الخامس بعنوان (الكائنات الأسطوريّة)، والفصل السادس بعنوان (الموجودات الأسطوريّة)، والفصل السابع بعنوان (الرمز الأسطوري)، والفصل الثامن بعنوان (اللغة الأسطورية). وقد توزّعت مادة الدراسة على هذه الفصول، التي فرّعت المادة المدروسة على أبرز عناصر مشكّلات العمل الروائي. وشكّل كلّ منها ملمحاً من ملامح النزوع إلى توظيف الأسطورة في روايات نجيب محفوظ. لقد حرصتْ سناء شعلان على أن تتبّع المادة المدروسة/روايات نجيب محفوظ مخضعة إيّاها للترتيب الزمني، وَفْق تاريخ تأليفها، فكانت الرواية المؤلّفة أوّلاً، هي في بداية الدراسة، ومن ثم تتوالى دراسة الروايات وَفْق ترتيبها الزمني. وهو ترتيب لا يفرض –بالطبع- على الباحثة أن تدرس كلّ الروايات؛ إذ إنّ بعضها لا يمثّل أبداً أيّ نزوع نحو الأسطورة، ولكنّه يفرض عليها أن تتوقّف عندها بالبحث والمعاينة، قبل استثنائها من الدراسة؛ لاتخاذها وجهة غير وجهة توظيف الأسطورة. لذلك توقّف الكتاب إزاء الروايات التي مثّلت بحق نزوعاً نحو ذلك، وأغفل بذلك دراسة أيّ رواية أومأت إيماء إلى الأسطورة، أو وقفتْ عندها وقفة أو وقفتين، دون أن تدخل الأسطورة في نسيجها البنائي، وفي متنها الحكائي. تقول شعلان في معرض حديثها عن كتابها :" لا يُشترط في الرواية الواحدة أن تتمثّل كلّ أشكال النزوع الأسطوري، وأفانين استخدام الأسطورة، وإنّما يكفي أن تكون متمثّلة لذلك النزوع بشكل كامل وواضح، ومتداخل مع نسيجها الروائي، وهذا لا ينفي بالطبع احتواء كثير من روايات نجيب محفوظ، وهذا الملمح الأغلب، على أكثر من شكل من أشكال النزوع الأسطوري. وبناءً على ذلك قد نجد الرواية الواحدة، تُدرس في أكثر من فصل من فصول هذا الكتاب، وَفق شكل النزوع المستهدف بالبحث، وتبعاً لذلك يتفاوت حظّ كلّ رواية حسبما توافرت عليه من أشكال هذا النزوع، التي تتأثّر بموضوع الرواية، وشكلها الفني، وتعالقاتها مع أشكال فنيّة موروثة لها ألفة معروفة مع الأسطورة. لقد خلص الكتاب إلى طائفة من النتائج. كما استوف بنيته في بثلاثة ملاحق، أولها بيبولوغرافيا بروايات نجيب محفوظ حتى زمن الانتهاء من الدراسة، وثانيها وقفة تعريفيّةعند نجيب محفوظ، وثالثها معجم بأسماء الآلهة والشخصيات الأسطوريّة والكائنات الخرافية والأماكن الأسطوريّة الواردة فيها. تقول شعلان بأسىً في معرض حديثها عن كتابها: "إنّها كانت تأمل أن تهدي الكتاب لنجيب محفوظ، وأن تناقشه في بعض الأفكار الواردة فيها، وأن تطرح عليه بعض الأسئلة التي تلحّ عليه عن بعض رواياته، لكنّ الموت كان لنجيب محفوظ بالمرصاد".
أ. د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) الملقّبة بشمس الأدب العربيّ، وسيّدة القصّة القصيرة العربيّة، وأيقونة الأدب العربيّ، هي أديبة وأكاديميّة وإعلاميّة أردنيّة من أصول فلسطينيّة، وكاتبة سيناريو، ومراسلة صحفيّة لبعض المجلّات العربيّة، وناشطة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة والطّفولة والعدالة الاجتماعيّة، تعمل...
أ. د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) الملقّبة بشمس الأدب العربيّ، وسيّدة القصّة القصيرة العربيّة، وأيقونة الأدب العربيّ، هي أديبة وأكاديميّة وإعلاميّة أردنيّة من أصول فلسطينيّة، وكاتبة سيناريو، ومراسلة صحفيّة لبعض المجلّات العربيّة، وناشطة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة والطّفولة والعدالة الاجتماعيّة، تعمل أستاذة دكتورة للأدب الحديث في الجامعة الأردنية/الأردن، حاصلة على درجة الدّكتوراه في الأدب الحديث ونقده بدرجة امتياز، عضو في كثير من المحافل الأدبية والأكاديميّة والإعلاميّة والجهات البحثيّة والحقوقيّة المحليّة والعربيّة والعالميّة. هي الرّئيس الفخري لمنظّمة السّلام والصّداقة الدّوليّة، منظّمة السّلام والصّداقة الدّوليّة، الدّنمارك والسّويد للعامين 2023-2024 حاصلة على نحو66 جائزة دوليّة وعربيّة ومحليّة وإقليميّة في حقول الرّواية والقصّة القصيرة وأدب الأطفال والبحث العلميّ والمسرح وأدب الرّحلات والأدب المقارن والإعلام، كما تمّ تمثيل الكثير من مسرحيّاتها على مسارح محليّة وعربيّة. لها 75 مؤلفاً منشوراً بين كتاب نقديّ متخصّص ورواية ومجموعة قصصيّة وقصّة أطفال ونصّ مسرحيّ ورحلة مع رصيد كبير من الأعمال المخطوطة التي لم تُنشر بعد، إلى جانب المئات من الدّراسات والمقالات والأبحاث المنشورة، فضلاً عن الكثير من الأعمدة الثابتة في كثير من الصّحف والدّوريات المحليّة والعربيّة والعالميّة، وسيناريوهات المسلسلات والأفلام. لها مشاركات واسعة في مؤتمرات محلّية وعربيّة وعالميّة في قضايا الأدب والنّقد وحقوق الإنسان والبيئة والعدالة الاجتماعيّة والتّراث العربيّ والحضارة الإنسانيّة والآدابِ المقارنة، إلى جانب عضويتها في لجانها العلميّة والتّحكيميّة والإعلاميّة. هي ممثّلة لكثير من المؤسّسات والجهات الثقافيّة والحقوقيّة، كما أنّها شريكة في الكثير من المشاريع العربيّة والعالميّة الثّقافيّة والفكريّة. تُرجمت أعمالها إلى الكثير من اللّغات، ونالت الكثير من التّكريمات والدّروع والألقاب الفخريّة والتّمثيلات الثقافيّة والمجتمعيّة والحقوقيّة. مشروعها الإبداعيّ حقل للكثير من الدّراسات النقدية والبحثيّة ورسائل الدّكتوراه والماجستير في الأردن والوطن العربيّ والعالم.