
يأتي هذا الكتاب، "الأمن القومي الإسرائيلي 2025"، الذي ترجمه الباحث أبوبكر خلاف، ليكشف النقاب عن وثيقة استراتيجية تمثل بامتياز الرؤية شبه الرسمية لدولة إسرائيل تجاه حاضرها الأمني ومستقبلها الجيوسياسي. إنه ليس مجرد نقل أمين لمضامين معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي — المؤسسة الأهم في صياغة القرار السياسي والعسكري هناك — بل هو عمل تأملي وتحليلي يعلي من قيمة الفهم العميق للسياسات الإسرائيلية في ظل عالم يتغير بإيقاع متسارع. يتناول الكتاب بدقة لافتة جملة من التحولات الإقليمية والدولية، ويقدم رؤية تحليلية متماسكة لتحديات الأمن القومي الإسرائيلي وفرصه الاستراتيجية، مستعرضا، بأسلوب يعكس نبض الدولة العبرية، كيف تنظر إسرائيل إلى موقعها في خارطة المصالح والتحالفات الدولية. فعلى الساحة العالمية، تضع الوثيقة مسألة **تحويل العلاقة مع الولايات المتحدة إلى تحالف دفاعي راسخ** على رأس الأولويات، مؤكدة ضرورة الحفاظ على دعم الحزبين، مع تعزيز روابطها مع الجالية اليهودية الأميركية، باعتبار ذلك ركيزة من ركائز الاستقرار الاستراتيجي. وفي مواجهة شبح **العزلة الدولية**، تسعى إسرائيل إلى تصدير صورتها كدولة ديمقراطية ليبرالية تتقاسم القيم ذاتها مع الغرب، وتستخدم العملية السياسية الفلسطينية لتجميل صورتها أمام المجتمع الدولي. أما على المستوى الإقليمي، فتبدو الرؤية أكثر براغماتية وصرامة، إذ يضع الكتاب ثلاثة سيناريوهات مركزية للتعامل مع **الملف الإيراني**: الأول يتمثل في توقيع اتفاق نووي جديد برعاية أميركية، وهنا تدعو الوثيقة إلى التأثير على مضمونه دون التصعيد؛ الثاني في حال اقتراب طهران من تصنيع القنبلة النووية، فتقترح تحركا عسكريا عاجلا، ويفضل أن يكون بالتنسيق مع واشنطن؛ والثالث، في ظل جمود الوضع الحالي، توصي الوثيقة بتكثيف الضغط الاقتصادي والعمليات السرية لإضعاف النظام الإيراني. وفي **سوريا**، تتراوح التقديرات بين ثلاث صور مستقبلية: صعود تيارات متطرفة؛ أو ظهور نظام معتدل يسعى إلى الانفتاح؛ أو بقاء الكيان السوري منقسما طائفيا بلا أفق واضح. ومن هذا المنطلق، تدعو الاستراتيجية إلى تبني سياسة مزدوجة، تقوم على تعزيز الدفاعات في الجولان، وفتح قنوات اتصال غير معلنة مع الفاعلين المحليين، مع دعم القوى المعتدلة من خلف الستار. وفيما يخص **تركيا**، تراها الوثيقة خصما محتملا لا يرقى إلى مصاف التهديد الاستراتيجي، لكنها تستدعي الحذر والمراقبة الدقيقة، مع التأكيد على أهمية المسار الدبلوماسي لإنهاء المقاطعة التجارية واستعادة التوازن في العلاقات الثنائية. أما **لبنان**، وبالأخص تهديد **حزب الله**، فتوصي الاستراتيجية بمواجهة أي محاولات لتعزيز تسليحه بالقوة، مع السعي إلى فرض تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701. وإذا ما شهد لبنان انفراجا سياسيا يضعف نفوذ الحزب، فإن الباب يفتح لاحتمال تسوية النزاع الحدودي بل وحتى التأسيس لسلام مستقبلي. وفي خضم هذه المتغيرات، يبرز الكتاب أهمية الداخل الإسرائيلي ذاته: من إصلاحات دستورية واجتماعية، إلى ترسيخ الترابط المجتمعي، مرورا بتحديث البنية الاقتصادية لضمان الاستقرار البعيد المدى. هكذا ترسم صورة إسرائيل التي تقاتل، وتفاوض، وتعيد تموضعها في عالم يعيد رسم خرائطه. إن هذا العمل، إذ يسلط الضوء على عمق التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، لا يعد مجرد كتاب، بل أداة لفهم عقيدة الدولة العبرية، ومرآة تعكس أولوياتها ورهاناتها وتوجهاتها. ومن هنا، فإن تقديمه إلى القارئ العربي يعد خطوة في اتجاه بناء وعي استراتيجي جديد، يمكن صناع القرار والمثقفين من قراءة المشهد الإقليمي بأدوات أكثر نضجا واستبصارا. أبوبكر خلاف إسطنبول – 10 رمضان / مارس 2025
يأتي هذا الكتاب، "الأمن القومي الإسرائيلي 2025"، الذي ترجمه الباحث أبوبكر خلاف، ليكشف النقاب عن وثيقة استراتيجية تمثل بامتياز الرؤية شبه الرسمية لدولة إسرائيل تجاه حاضرها الأمني ومستقبلها الجيوسياسي. إنه ليس مجرد نقل أمين لمضامين معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي — المؤسسة الأهم في صياغة القرار السياسي والعسكري هناك — بل هو عمل تأملي وتحليلي يعلي من قيمة الفهم العميق للسياسات الإسرائيلية في ظل عالم يتغير بإيقاع متسارع. يتناول الكتاب بدقة لافتة جملة من التحولات الإقليمية والدولية، ويقدم رؤية تحليلية متماسكة لتحديات الأمن القومي الإسرائيلي وفرصه الاستراتيجية، مستعرضا، بأسلوب يعكس نبض الدولة العبرية، كيف تنظر إسرائيل إلى موقعها في خارطة المصالح والتحالفات الدولية. فعلى الساحة العالمية، تضع الوثيقة مسألة **تحويل العلاقة مع الولايات المتحدة إلى تحالف دفاعي راسخ** على رأس الأولويات، مؤكدة ضرورة الحفاظ على دعم الحزبين، مع تعزيز روابطها مع الجالية اليهودية الأميركية، باعتبار ذلك ركيزة من ركائز الاستقرار الاستراتيجي. وفي مواجهة شبح **العزلة الدولية**، تسعى إسرائيل إلى تصدير صورتها كدولة ديمقراطية ليبرالية تتقاسم القيم ذاتها مع الغرب، وتستخدم العملية السياسية الفلسطينية لتجميل صورتها أمام المجتمع الدولي. أما على المستوى الإقليمي، فتبدو الرؤية أكثر براغماتية وصرامة، إذ يضع الكتاب ثلاثة سيناريوهات مركزية للتعامل مع **الملف الإيراني**: الأول يتمثل في توقيع اتفاق نووي جديد برعاية أميركية، وهنا تدعو الوثيقة إلى التأثير على مضمونه دون التصعيد؛ الثاني في حال اقتراب طهران من تصنيع القنبلة النووية، فتقترح تحركا عسكريا عاجلا، ويفضل أن يكون بالتنسيق مع واشنطن؛ والثالث، في ظل جمود الوضع الحالي، توصي الوثيقة بتكثيف الضغط الاقتصادي والعمليات السرية لإضعاف النظام الإيراني. وفي **سوريا**، تتراوح التقديرات بين ثلاث صور مستقبلية: صعود تيارات متطرفة؛ أو ظهور نظام معتدل يسعى إلى الانفتاح؛ أو بقاء الكيان السوري منقسما طائفيا بلا أفق واضح. ومن هذا المنطلق، تدعو الاستراتيجية إلى تبني سياسة مزدوجة، تقوم على تعزيز الدفاعات في الجولان، وفتح قنوات اتصال غير معلنة مع الفاعلين المحليين، مع دعم القوى المعتدلة من خلف الستار. وفيما يخص **تركيا**، تراها الوثيقة خصما محتملا لا يرقى إلى مصاف التهديد الاستراتيجي، لكنها تستدعي الحذر والمراقبة الدقيقة، مع التأكيد على أهمية المسار الدبلوماسي لإنهاء المقاطعة التجارية واستعادة التوازن في العلاقات الثنائية. أما **لبنان**، وبالأخص تهديد **حزب الله**، فتوصي الاستراتيجية بمواجهة أي محاولات لتعزيز تسليحه بالقوة، مع السعي إلى فرض تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701. وإذا ما شهد لبنان انفراجا سياسيا يضعف نفوذ الحزب، فإن الباب يفتح لاحتمال تسوية النزاع الحدودي بل وحتى التأسيس لسلام مستقبلي. وفي خضم هذه المتغيرات، يبرز الكتاب أهمية الداخل الإسرائيلي ذاته: من إصلاحات دستورية واجتماعية، إلى ترسيخ الترابط المجتمعي، مرورا بتحديث البنية الاقتصادية لضمان الاستقرار البعيد المدى. هكذا ترسم صورة إسرائيل التي تقاتل، وتفاوض، وتعيد تموضعها في عالم يعيد رسم خرائطه. إن هذا العمل، إذ يسلط الضوء على عمق التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، لا يعد مجرد كتاب، بل أداة لفهم عقيدة الدولة العبرية، ومرآة تعكس أولوياتها ورهاناتها وتوجهاتها. ومن هنا، فإن تقديمه إلى القارئ العربي يعد خطوة في اتجاه بناء وعي استراتيجي جديد، يمكن صناع القرار والمثقفين من قراءة المشهد الإقليمي بأدوات أكثر نضجا واستبصارا. أبوبكر خلاف إسطنبول – 10 رمضان / مارس 2025
المزيد...