كتاب شفرة الجسد بقلم سيف صلاح الدين محمد .. تطرأ كثير من الأسئلة علي عقول العامة والخاصة -أقصد المتخصصون في العلوم الطبية- فيما يخص قابلية فرد أو مجتمع للأمراض، علي سبيل المثال، لماذا يظهر مرض ما في مجتمع بمعدلات عالية بينما يظهر بمعدلات أقل بكثير في مجتمعات مجاوره؟ وذلك رغم تشابه البيئة أو التعرض لمسببات المرض المعروفة بنسب متقاربة. ما العوامل التي تتحكم في ازدياد او نقصان القابلية لمرض ما؟ هل هناك أسباب واضحة المعالم للإصابة بأمراض السرطان؟ حتي علي مستوي التوائم الذين يتوارثون نفس الجينات، فقابليتهم مختلفة علي رغم تواجدهم في نفس البيئة! كل هذه الأسئلة والمعضلات وأكثر تم الإجابة عليها في ثنايا هذا العمل الفكري الجديد، وذلك من خلال النظرية التي وضعناها لتكون منظور جديد للمجتمع و الجسد، والذي نستطيع من خلاله فهم الظواهر الغريبة والتي تم تفسيرها سابقًا بإجابات تبدو متناقضة وغير منطقية. لغة هذا البحث الأساسية هي الإنجليزية، حيث أنه يخاطب المجتمع الأكاديمي في سائر بلدان العالم بغية تنبيه البشرية بعامة لأنهم في حاجة لإتباع توصيات هذا البحث، أما الأمة العربية فيحق لها أن تسترد دورها التعليمي والإرشادي بين الأمم ولذلك تم عرض هذا البحث باللغة العربية وبطريقة أبسط حتي يتمكن القارئ العربي من استيعاب أكبر قدر ممكن بحسب مستواه العلمي. إن كل هذه الأسئلة محورها هو ظاهرة القابلية المرضية، ومحاولة فهم الظواهر يلزمها فهم العوامل المؤثرة في هذه الظواهر، ويزداد تعقيد الظاهرة كلما تفرقت العوامل المتسببة لها في شتي العلوم. ولذلك علوم البحث متنوعة ولكنها متآلفة، فإجمالا يندرج تحت علم الوبائيات والذي يختص بدراسة الأوبئة وإحصائها وتفهم أسبابها، وتفصيلا فإن البحث كبناء ثلاثي الأبعاد تشترك في بنائه العلوم المختلفة كعلم المناعة والجينات والسلوك والبيئة والفلسفة والإجتماع والنسبية والإحصاء والقضاء وقد تشترك علوم أخري، جميعها تآلفت في تناسق وزاد عليها العلم الذي هو نتيجة هذا البحث وهو نتيجة لنظرية ( المجتمع - الجسد) الذي أتوقع له دورا مهما في التشريع المجتمعي والحماية الصحية والنفسية علي حد سواء. تعمدنا في هذا البحث توثيق بعض الحقائق التي تعمل كمعطيات نستنبط منها النتائج، فبلغ عدد المراجع المستخدمة 140 مرجع وهذا الأمر لأسباب عديدة، فهذا البحث يعتمد علي المقارنة بين جسد ومجتمع ، وهذا سيكون أقرب إلي الخيال المائع إذا لم يُدعم بادلة وقواعد وبراهين معلومة تعضد هذه النظرة ونتائجها، و نتائج البحث قد لا تكون ملزمة وقوية ومقنعة إلا إذا تحدثنا بلغة التوثيق. وهذا حتي يكون كفصل الخطاب في مواضيع اختلفت فيها المجتمعات بحسب ثقافتهم وعقائدهم، كما سيتضح في الحقائق التي ألحقت في كتابنا. والنموذج الذي اتخذناه معيارًا للمجتمع (وهو الجسد) سيعين علي الإتفاق علي امور كان من اللازم ألا نختلف فيها لأن أحد المختلفين أخطا في اختلافه وأدي هذا إلي أضرار جسيمة في مجتمعه، وهذه الأضرار مرهقه لأي مجتمع ماديا وروحيا وجسديا .فضلًا عن الضرر الناتج للمجتمعات المجاوره. أيضا، هذا البحث لم يتطرق إلي عقائد او ديانات أو ادلة من القرآن أو السنة حتي ينصرف عن القارئ غير المسلم أن الباحث ينتصر لعقيدة أو ديانته فيرفض ما فيها كمحاولة لإنتصاره هو أيضا لدينه فيتسبب هذا في مزيد من الضرر لمجتمع القارئ. وهذا ما لا نريده إذ أننا مأمورون بأن نتحدث بلسان القوم ولغتهم حتي نعينهم علي أنفسهم واهوائهم فينفعهم الله تعالي. وهذا مقصد من مقاصد ديننا السمح الرشيد. لهذا، فالبحث سيكون إلهامي لأصحاب هذه العلوم كل علي حدة. ولكن أحذر من بعض الإستنباطات التي لا يجب قولها. إذ ليس كل ما توصلت إليه كتبته، تركيزا علي قضايا أكثر أهمية. البحث متدرج الغموض-وفي كشف الغموض- فكلما تعمقت فيه كلما اتضح ما كان غامضا من قبل و عرفت الحكمة من سرد بعض الجمل في مقدمة هذا البحث، مع تساؤلات، إذ أن كل هذه التساؤلات سيتم الرد عليها في ثنايا هذا البحث في مواضع لاحقة، وإذا ما وجد القارئ العربي الغير متخصص صعوية في فهم هذه المادة العلمية فلينتظر تفصيل هذا البحث في كتابنا الأكثر تبيينا والذي سنسميه ( جسدا واحد .. أمة واحدة ) والذي سيكون فيه شرح هذا البحث ولكن من منظور إسلامي مبسط. وهذا الكتاب سيكون في الأساس موجه للبشرية بعامة و للأمة الإسلامة بخاصة و للمصريين بصفة أخص. وهذا بعون الله ومشيئته وفضله، وصلي الله علي رسوله وآله وسلم.