كتاب الحنين العاري

تأليف : عبد المنعم رمضان

النوعية : الشعر

كتاب الحنين العاري بقلم عبد المنعم رمضان..صدر للشاعر الكبير بحق «عبدالمنعم رمضان» عن الهيئة المصرية العامة للكتاب أحدث دواوينه بعنوان «الحنين العاري»، وكان علينا أن نذبح الذبائح منذ صدوره وحتى هذه اللحظة، لكن بعيدًا عن شجون المشهد الثقافى والأدبى وبعيدًا عن تبرير الصمت المواكب لصدور الديوان والذى قد يعزّى إلى صعوبة الكتابة عن ديوانٍ لشاعرٍ كبيرٍ ومحاصرة المفردات الجمالية لقصيده، بعيدًا عن هذا كله وأكثر سأحاول الاحتفاء هنا بـ»الحنين العاري»، والحنين العارى ينساب فى هذا الديوان مترقرقًا حاملاً ذروات زبَدَه مثل شلالات كبرى لا نعرف لها منبعًا ولا نهتم أن نراها وهى ترتاح فى مصبَّاتها، سيبدو الحنين كأنه عارٍ بالفعل أحيانًا:


كأنكِ الأرضُ التى يسيرُ فوقها الحمام
كأنكِ الظلام
كأنكِ الرياح
من الوراء هكذا إلى الأمام.
لكننا سرعان ما سنكتشف أننا قد خُدعنا وأن الحنين كان طوال الوقت متدثرًا بلآلئ شديدة الندرة والتفرد لم تُر من قبل، وبرؤى الشاعر المتفجرة تمردًا وثورةً وعلمًا وثقافةً ونضجًا فى محاصرة المجاز ونزع تقليديته وإعادة وضع تعريفٍ جديدٍ له يخصُّ «عبدالمنعم رمضان» وحده:
سوف أسحبُ الموسيقى
إلى الإسطبل
وأعلِّقها من أقدامها الخلفية
وبمشقةٍ أحبسها.
«الحنين العرى» ــ والذى بلغت صفحاته مائة وسبع وثمانين صفحة من القطع الكبير وبخط يد الشاعر نفسه ــ ليس عاريًا أبدًا وإنما يتدثر طوال صفحات الديوان بقاموسٍ لغوى ثرى وشديد العذوبة وجديد على آثار «عبدالمنعم رمضان» الشعرية السابقة، وتكاد مفردات الديوان من فرط رقتها وشفافيتها تقترب ليس فقط إلى محاصرة العالم وكتابته بل إلى وضع هذا العالم فى راحة كفِّ الشاعر، وأنا هنا أستند إلى عنوان روية «جيوكندا بيلى» «الكون فى راحة الكفّ»، فيصبح العالم فى راحة كفّ الشاعر كرةً كريستالية تُسرُّ له بأسرارها فيهدهدها تارةً ويعنفها تارة أخرى ويستنطقها أطوارًا:
لم يكن كافيًّا
أن أرى حافَّة الأرضِ
ترتجُّ ثمَّ تفورُ
وتخرجُ منها المدينةُ عاريةً
وأصابعها العشرُ
مشبوكةٌ فى السماء.
لا أدرى لماذا باغتتنى قصيدة من قصائد الديوان بعنوان الديوان نفسه «الحنين العاري»! هل لأننى تمنيت أن يظلَّ العنوان واحدًا على الغلاف ليقترب من واقعه فيصير عنوانًا لقصيدٍ شعرى جديدٍ وفادح الجمال كأنه إحدى معلقِّات القدامى؟! خصوصًا والشاعر الكبير نفسه مدركٌ هذا بالطبع إدراكًا لا يقبل التأويل، ففى أولى قصائده بعنوان «بعد السقوط» يستهل حنينه هكذا:
أتبعُ الحنينَ الذى يوقفني
قربَ الهاوية
الحنين الذى مثل كلِّ ليلةٍ
يمتدُّ
وهو بالفعل يمتدُّ أيها الشاعرُ الكبيرُ طوال صفحات ديوانكَ الآسر الفاتن، يمتدُّ عاريًّا ومتدثرًا فى الوقت نفسه بكلِّ ما خبرنا من جمال الشعر حتى هذه اللحظة، هذا الحنينُ ممتدٌّ وأنتَ تتبعه ونحن نتبعك بالطبع لأننا غاوون.

شارك الكتاب مع اصدقائك