كتاب الفقه الإسلامي و مدارسه بقلم مصطفى الزرقا..لقد كانت منظمة اليونسكو العالمية ، قبل بضعة عشر عاما، قد أصدرت كتابا عن الإسلام من جميع حوانبه ، استكتبت فيه بعض الكتاب الأجانب ، و منهم يهود ، فأعطى صورة مشوهة قاتمة عن الإسلام أثارت احتجاجات و اعتراضات من جهات و مراجع إسلامية . فقررت مؤسسة اليونسكو على أثرها صرف النظر عن ذلك الكتاب السيء ، و إصدار كتاب جديد ذي سلسلة من البحوث عن الإسلام و ما إليه من مختلف نواحيه الاعتقادية و الفقهية و التاريخية و الحضارية بوجه عام توزع موضوعاته على كتَّاب علماء مسلمين اختصاصيين ، كل منهم في ما يتعلق باختصاصه ، ثم إحلال هذا الكتاب الجديد محل ذلك القديم السيء المسيء .
و قد جاءني طلب من مؤسسة اليونسكو أن أكتب بحثاً لهذا المشروع الجديد عن [ الفقه الإسلامي و مدارسه ( مذاهبه الفقهية ) و ما إليها ] ، فكتبت هذا البحث ، و تحريت فيه التبسيط ، لأنه سيترجم إلى عدد من اللغات الحية ، و سيقرؤه مثقفون أجانب ليست لهم أي خلفية سابقة عن الإسلام ، و ذلك يوجب أن يكون البحث مؤطأً مبسطاً نيَّر التعبير ، لا يتضمن تعابير اصطلاحية لا يفهمها إلا من لهم سابق خلفية و دراسة علمية في العلوم الإسلامية .
و إني أقدمه اليوم لينشر منفرداً ، ابتغاء نفع الجيل الإسلامي الصاعد ، و تنوير المثقف غير المسلم ، لكي يأخذ فكرة علمية صحيحة عن الفقه الإسلامي و ما إليه ، و عن اختلاف المذاهب الفقهية و أسبابه الواقعية ،و هل هذا الاختلاف عيب أو مزية ، مع ضرب الأمثلة المبسطة السهلة الفهم ، و عن انتشار تلك المذاهب في الأقطار الإسلامية الخ ....