حفل الربع الأخير من القرن الماضي والربع الأول من هذا القرن ، بكثير من الحركات الأدبية ، والفكرية ، واللغوية ، والسياسية على نحو لم يعرفه عصر من العصور الغابرة ، في تاريخ النهضات المعروفة تلك أيام شهدت من الرجال
« دعاة الإصلاح ، وحملة المشاعل في كل حقل وميدان ، من حقول الحياتية العامة والخاصة ، على السواء وكانت عصور التخلف والفوضى والانحطاط تتجه نحو نهايتها ، ليحل محلها عصر التنور ، والنقد ، والابتعاد عن الركاكة في التفكير والتعبير ، وإصلاح الأوضاع الاجتماعية والسياسية بيد أن مقاومة التخلف ما كانت لتتحقق ، وتؤتي ثمارها المرجوة ، لو لم ينهض نفر من المفكرين والأدباء ، في مختلف الأقطار العربية ، والمهاجر الأميركية ، للتخلص من ظلمات العهود السالفة ، وإحياء ما تراكم عليه الغبار من محاسن التراث ، وكشف مساوئه ، وإيقاظ الهمم ، وشد العزائم . وجاءت الأحداث من بعد بكل ما فيها من أهوال ومصاعب وهموم ، فطمست كثيرة من جهود الرعيل الأول الذي شيد تلك النهضة ، وأصبحت الأجيال العربية الطالعة ، بعيدة عن مصادر أفكارها ، وحقيقة أصولها وليست هذه السلسلة من الدراسات والمقتطفات سوى محاولة لتقريب البعيد من شؤون الفكر والأدب ، وإتاحة الفرص أمام أجيالنا الطالعة ، للتعرف إلى الجذور ، والمساهمة من ثمة في البناء والإنماء والتطوير .