كما أن قضية المسيح قضية ((غيبية))، مما يُحَتِّم التمسك بالنصوص الشرعية الواردة فيها والفهم السلفي لها، حتى لا يخرج التفكير والاجتهاد عن هذه النصوص وعن هذا الفهم.
هذا هو الأساس الأول في سلفية دراسة قضية ((المسيح))..
أما الأساس الثاني فهو أن علاقة المسيح بأمة الرسول صلى الله عليه وسلم علاقة جوهرية، بدأت قبل نشأة الأمة الإسلامية..
ابتداءً بالبشارة التي كانت من عيسى برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث: { ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } [الصف: 6]..
ومرورًا بنزوله في آخر الزمان، وكسره للصليب، وقتله للخنزير، ووضعه للجزية، حتى يصير الدين ملة واحدة وهي الإسلام..
وانتهاءً بدفنه بعد موته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم( )..
لتكون قضية عيسى عليه السلام داخلة ضمن الواقع التاريخي للأمة، المرتبط بالطائفة القائمة بأمر هذا الدين، والتي ستقاتل الدجال مع عيسى ابن مريم؛ مما يدل على أن التوافق بين قضية عيسى والمفهوم الكامل للسلفية قائمٌ وظاهرٌ، منهجيًّا وواقعيًّا من البداية حتى النهاية.
كتاب المسيح تأليف رفاعي سرور
كتاب المسيح: دراسة سلفية بقلم رفاعي سرور ..وإذا كان الالتزام بالفهم السلفي في كل قضايا الإسلام ضرورة جوهرية.. فإن الالتزام به في ((قضية المسيح)) يتضمن للضرورة معنى خاصًّا. واختصاص معنى الضرورة في قضية المسيح يرجع إلى أن هذه القضية بطبيعتها ((فتنة))؛ ولذا أصبحت ((السلفية)) بأقصى ضرورتها ومناسبة مضمونها هي الصيغة الإسلامية الوحيدة لمعالجة هذه الفتنة، باعتبار أن الالتزام بالشرع نصوصًا وأحكامًا وفهمًا هو المواجهة الصحيحة للفتن، ومن هنا كان تصنيف الإمام البخاري لـ((كتاب الأحكام)) بعد ((كتاب الفتن)) لإثبات أثر الالتزام بالأحكام في مواجهة الفتن.