ولعل سبب هذا الغلاء، أن العرب منذ العهد الأموي، قد وُضعوا في اقفاص العبودية السياسية/الدينية، وظلوا في هذه العبودية طيلة العهدين الأموي والعباسي، إلى أن جاء المماليك ثم الولاة العثمانيون. وخضع العرب لحكم مجموعة من الطوائف والمذاهب السياسية/ الدينية الحاكمة كالفاطميين، والأيوبيين والاخشيديين، والبويهيين، وغيرهم. وأنت عندما تضع عصفوراً في قفص وتسجنه فيه لمدة طويلة، ثم تقرر إطلاق سراحه، فإن هذا العصفور لا يطير، وفاقد للقدرة على الطيران. وأن العصفور قد أصبح مخلوقاً آخر، ولكنه ليس العصفور الطائر. وفتحُ باب القفص دائماً، لن يغري العصفور على الخروج من قفصه، والطيران، كما كان يفعل قبل حبسه.
كذلك هم العبيد، الذي رفضوا في مناسبات كثيرة، حياة الحرية، وفضلوا البقاء عبيداً.
وكما قال فرويد، فإن "معظم الناس لا يريدون الحرية، لأنها تنطوي على مسؤولية، ومعظم الناس يخافون من المسؤولية." وهل صحيح "لو أن السماء أمطرت حرية، فسيفتح العبيد المظلات الواقية؟!"
وهل نعجب من العبيد الذي خرجوا يتظاهرون في أمريكا ضد الحرية؟! أم أننا نعجب من رفض بعض العبيد للحرية، عندما مُنحت لهم في السعودية عام 1962؟!
تلك هي "ظاهرة العصفور والقفص"، والشعوب التي سُجنت طويلاً، فأصبحت العبودية – بالنسبة لها - سجن الحرية، والحرية سجن العبودية".
الكتاب، الّذي بين أيديكم، يقلّب في أوراق الحريّة، والدكتاتورية العربيّة، والنظام العربيّ الجديد، ويحاول أن يرسم في عقولكم بيانات واضحة للحريّة، والدكتاتوريّة العربيّة، إستكمالاً لجهود سابقة، وتوطئة لجهود قادمة، فالفكر الدينيّ والسياسيّ والإجتماعيّ والإقتصاديّ سلسلة ممتدّة لا تنقطع عبر شعوب وبلدان وأزمنة مختلفة.
فالشعوب تتفرّق في اللغات والألوان والأشكال، لكنّها تعمل معاً من أجل تكامل الفكر، وبناء صرحه العظيم
كتاب النظام العربي الجديد - شاكر النابلسي
كتاب النظام العربي الجديد.. أوراق في الثورات العربية بقلم شاكر النابلسي .."هل للدكتاتورية ثمن؟ وهل ثمنها باهظ فعلاً؟ لقد عرفنا أن ثمن الحرية هو الباهظ، وما دفعه الكثير من العرب الآن في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، والبحرين، وسوريا، وما زالوا يدفعون باقي الثمن الذي ربما يمتد دفعه لعدة سنوات قادمة. فما أغلى الحرية العربية! وما أغلى الدكتاتورية العربية أيضاً!...
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.