كتاب تنوير المؤمنات الجزء الثاني

كتاب تنوير المؤمنات الجزء الثاني

تأليف : عبد السلام ياسين

النوعية : العلوم الاسلامية

حفظ تقييم

كتاب تنوير المؤمنات الجزء الثاني بقلم عبد السلام ياسين

2022-05-25

إن كتاب "تنوير المؤمنات" كما يريد صاحبه يجب ألا يُصنّف في خانة التوعيات الثقافية، وإنما يقدم خطة عملية واضحة المعالم للتغيير الشامل في قضية المرأة المسلمة، ويرسم لذلك طريقا يقوم على أساس فكري تنويري، القصد منه جلاء الفهم في هذه القضية المستعصية لقرون، وأساس تربوي تهذب معه رعونات النفس البشرية الأمارة بالسّوء لتهتدي وتتزكى، ثم أساس تنـزيلي تنظيمي تتبع فيه الأقوال بالأفعال، وتزاح فيه الأشواك لتنـزيل هدي الله تعالى في الواقع، وتعبئة الأمة للترقي في مدارج الإسلام والإيمان والإحسان.
يطرح الإمام رحمه الله في بداية الكتاب أُمَّ القضايا المسكوت عنها، وهي قضية العبد والأَمَةِ مع ربه، وهي القضية التي يرى أن في حلِّها حلاًّ لباقي القضايا الثانوية بالتَّبع.
فالأمة الإسلامية -والمرأة جزء لا يتجرأ منها، بل هي محورها- مُطالَبة بمعرفة الأحداث الجسام التي كانت سببا في تهاوي درجاتها من التحرير النبوي والراشدي -كما بسط ذلك الشيخُ أبو شقة رحمه الله في كتابه تحرير المرأة في عصر الرسالة، إلى عصور الحريم والاستعباد والاستئجار والتشييء والاستغلال بأبخس الأثمان. والسبب في ذلك الانكسارُ التاريخي الذي تحولت معه الخلافة الراشدة إلى مُلك عضوض وجبري قسري، ثم الاستعمار الذي جرَّ الخراب إلى ديار المسلمين على كل الأصعدة. لتجد المؤمنة نفسها في عالم موار تبحث عن سعادة موهومة، إلا أن تجد من يدلّها على أن بداية طريقها الإيمان بالله واليوم الآخر، ثم استكمال الإيمان بالانخراط الصادق في صحبة حانية بانية موجهة رفيقة، وجماعة متآزرة متآخية متواصية بالحق والصبر والمرحمة. لتُصنع المؤمنة من بعدُ على عين إلهية، فتمسك بتلابيب نفسها وهواها، وتحمل فكرها على المكروه الذي تهرب منه النفس الراكدة.
ولهذا يقترح الإمامُ الطريق اللاحب لطلب الكمال القلبي والعلمي، والتميز الأسري، ليبسط طموح الكتاب الذي يروم الامتداد إلى واسع الحاضر وفسيح المستقبل، وليضع أمام المرأة المسلمة سبيلا لصناعة المستقبل، كيلا تبقى المؤمنة متقوقعة على ذاتها، فترتفع همتها إلى الجهاد في سبيل الله وتعبئة الأمة المستضعفة المقهورة المنهوكة.
تقدم الرؤية التجديدية المنهاجية في قضية التغيير الشامل لدى المرأة المسلمة كما بسطها الكتاب تصورا واضحا في أساليب التفكير والتحليل والتنزيل، لأن امتلاك الإمام لناصية آلته التجديدية المنهاجية المتكاملة الأركان، ووقوفه على أعالي التاريخ وشامخ الاستقلالية، جعله يحلل القضية تحليل الخبير الذي نقح المفاصل الكبرى للموضوع، بغية جمع مداركه وتقديم وصفة شاملة جامعة له.
وقد بدا الأمر جليا في الربط المنهاجي الفريد بين الانكسارات الكبرى والصدمات العظمى التي تعرض لها كيان الأمة لتمس أهدابها تبعا، ومظلومية المرأة المسلمة جزء لا يتجزأ من ذلك، حتى إذا عرف الداءَ بدأ العلاجَ جرعةً جرعة، يرتشفها طالب الحق في القضية.