وفي خطبه تلك تجد سلسلة من المواقف القوية التي قدمها المؤلف ضد الطغيان والاستبداد بكل أنواعه، ومع أنه لم يكن يتناول الراهن السياسي بشكل مباشر، ولكن موقفه في الحرب على طبائع الاستبداد ودعوته للعمل على مصارع الاستعباد جعلته دوماً في مرمى الجهات الأمنية التي ترى في هذا الفكر خطراً على الخنوع والإذلال الذي كانت تسوس به الرعية تحت شعار الاستقلال والمصلحة العامة.
ومما طالب به في خطب الجمعة هذه الإفراج المستمر عن المعتقلين والدعوة لإبداء الراي ومنح حرية حقيقية للصحافة والكلمة، وكذلك الدعوة المباشرة لإنهاء حكم الحزب الواحد وإتاحة الأفق للجميع ليتعاونوا في بناء أوطانهم، ووقف امتيازات الأجهزة الأمنية التي كانت تتصرف فوق القانون وتسوم الناس ألوان العذاب بدعوى حماية الاستقرار.
استمر الدكتور محمد حبش بالخطابة في جامع الزهراء نحو ثلاثين عاماً متواصلة، ومع اشتداد القمع في سوريا على رجال التنوير الذين هاجموا بعنف النظام الأمني وقمعه ووسائله، فقد عمد النظام إلى منع الدكتور حبش من الخطابة في أي منبر في سوريا، وكان قبل ذلك قد أغلق مركزه للدراسات الإسلامية الذي كان أحد مراكز التنوير الفكري في الشام كما ألغى جمعية علماء الشريعة التي كان يرأسها، وتضم الخطباء والأئمة في دمشق وريفها، وتبع ذلك إيقاف عدد من أئمة التنوير على مساجد دمشق، وكان هذا أحد المظاهر التي دفعت الناس للغضب في الشوارع والهتاف للحرية وبالتالي الاندفاع نحو الثورة العارمة التي لن تهدأ حتى يسقط الطغيان.
قام الدكتور محمد حبش بالخطابة في جامع الزهراء من عام 1981 وحتى 2011 وعرف المسجد أقبالاً كبيراً لطبقة الشباب الذين كانوا يرون في خطاب الزهراء باكورة الصحوة الإسلامية الواعدة.
وقد جمعت هذه الخطب عدة مرات عبر جهات مختلفة وصدرت مطبوعة في سلاسل متعددة، وهذه إحدى هذه المحاولات التي طبعتها دار المحبة في دمشق.
كتاب خطب الجمعة والعيدين - محمد حبش
كتاب خطب الجمعة والعيدين بقلم محمد الحبش..يشتمل الكتاب على مجموعة هامة من خطب الجمعة التي ألقاها الدكتور حبش في جامع الزهراء في مطلع التسعينات، وهي تختصر تجربة الدكتور حبش في معالجة قضايا الشباب خصوصاً وتسخيرالمنبر للتنمية والنهضة وما فيه خير الناس.
وقد اشتهر الدكتور حبش بخطبه المؤثرة والجريئة التي تتناول قضايا التجديد ومقاصده، وهي مدونة بالكامل بالصوت والصورة والنص على موقع التجديد الإسلامي الذي يديره ويشرف عليه الدكتور محمد حبش منذ عشرة أعوام.