كتاب حروف حي

تأليف : رشيد الخيون

النوعية : الفكر والثقافة العامة

كتاب حروف حي بقلم رشيد خيون .. إن جاز التعبير، كانت الشيخية أو الكشفية، حركة إصلاحية في القرن التاسع عشر، امتدت نشطة حتى أواسط القرن التاسع عشر. ظهرت في ظروف الضنك الاجتماعي والفكري، يوم كانت تحكم المنطقة الدولتان الصفوية والعثمانية، لتحرك برمزيتها مياه بحيرة راكدة. لكنها، في كل الأحوال، لم تخرج عن السائد إلا بحدود، اعتبرها العلماء في حينه تجاوزاً على مسلمات. ومن الشيخية ولدت الحركة البابية (ثم البهائية)، التي زعمت التجاوب مع روح العصر، لكنها أدخلت نفسها في متاهات قادت إلى تقدسي الأشخاص، حالمة بعالم تسوده عقيدة ولغة ومقاييس ومكاييل واحدة.

اقتربت الشيخية من الفلسفة والتصوف، وابتعدت عن مسلمات الفكر الشيعي بحدود. ظهرت في حياة البابية التي ولدتها الشيخية، شخصيات خطيرة، عرفت بصلابة إيمانها وقدراتها العقلية، فالدعوة إلى نسخ الشريعة التي نادى بها البابيون في القرن التاسع عشر، تحتاج إلى قوة استثنائية، والمدهش في هذا أن تتصدر الدعوة امرأة، بدأت الاتصال بالناسم ن خلف الستائر، حتى حركت (قواويش) الحريم وخلعت الحجاب، وظلت مطاردة من قبل الدولتين، السنية بالعراق والشيعية بإيران. وما يثير الاستغراب أيضاً أن للبابية، المطاردة والمحظورة، أتباعاً يتنافذون بين حدود الدولتين، ففي العراق العثماني وإيران الصفدي معاقل وكعبات بابية، ومن أنصارها علماء دين تأثروا قبلها بحركة الشيخية أو الكشفية، فلولا الحركة الأخيرة ما كان هناك بابية أو بهائية. ولأن الكشف عن الأسرار، ممراً إلى المذهب أو الدين، فإن معرفة تاريخ الكشفية هو الخطوة الأولى إلى رحاب هذه الفرقة.

وبالعودة إلى الكتاب الذي يدور حول هذه الفرقة الدينية، يبدو أن عنوانه "حروف حيّ" غامض إلى حد ما، لا سيما وأن الحروف بحد ذاتها، في لغتنا العربية أو غيرها من اللغات الشرقية، لها أسرار وحسابات سحرية. وقد كشف البابيون اللثام عن حروفهم وفي مقدمتها "حروف حي" ذات الرقم (18) وهم حَوَاريّو الباب والمختارون من الله ليكونوا رموزاً يتجلى للبشر عبرهم، هذا ما تراه البابية، فالحاء تعادل العدد ثمانية والياء تعادل العد عشرة، فيكون المجموع بإضافة الباب إليهم تسعة عشر، وهم بمثابة أطياف الله المقدسين، وكلمة حيّ تعبر عن ماهية المقدس أسمى تعبير.

وبالمضي بعيداً إلى ما تنطوي عليه البابية أو البهائية، نجد أنها ابتدأت عرفانية، همها مسايرة الشيخية في الكشف عن الأسرار، دون أن تدعي النبوة لمؤسسها، أو تتجاوز وحدود المقدس فتذهب إلى نسخ الشريعة غير أنها استفادت من التجارب المدونة في التاريخ المللي والنحلي، وتاريخ الأنبياء، فأخذت تنظر إلى أبعد من أن تكون فرقة داخل ديانة، أو مجرد انشقاق مذهبي، لقد تدرجت من الكشف، كما ذكرنا سابقاً، إلى نيابة المهدي المنتظر وبابه إلى باب الله، وينتهي الباب، حسب البهائية، إلى مبشر ببهاء اله، مثله مثل يحيى المعمدان وعيسى بن مريم عليه السلام. وقد وجد ميرزا حسين نوري، أحد أهم أبواب البابية الذي لم يكن حرفاً من "حروف حيّ" الثمانية عشر، في كتاب الباب "البيان" ما يشير إلى البشارة فيه، وإعلان نفسه عبر كلمات أللاّهية، بهاء الله، والكلمات هي "يا لله، الله البهي البهي، الله لا إله إلا هو، الأبهى الأعلى، الله لا إله إلا هو البهي... بهاء السماوات والأرض وما بينهما". ووفقاً لسريان البهاء تحولت "بسم الله الرحمن الرحيم" إلى "بسم الله الأبهى" بيد أن هذه الغرائبية لا تنفي عن البابية والبهائية نظرتها إلى التجديد أو التحديث، داخل الدين والمذهب كما تدعي، فبعد فشل الشيخية أو الكشفية، التي هي الأم الشرعية للبابية، في تحقيق رمزيتها، عبر تأويل الشخص المهدي والجنة والنار والأسرار والمعراج، بادرت البابية إلى تبني تلك الرمزية وتحقيقها عبر كتب مقدسة، قالت أنها رسالات سماوية، مثل "البيان" وأجزائه، و"كتاب أقدس" وكتب أخرى.

وقد حاول الدكتور الخيون في كتابه هذا الكشف عن محتويات كتاب أقدس من خلال عرض نصه المكتوب. ويأتي "حروف حيّ" ضمن مشروع كتاب "الأديان والمذاهب بالعراق" حيث اختاره الدكتور الخيون أن يكون مستقلاً كخليفة تاريخية وفكرية لكتاب البهائية المقدس "كتاب أقدس"، بعد نسخة طبق الأصل عن "المكتبة البريطانية" مع الإشارة إلى أرقام صفحات الأصل داخل النص.

نبذة الناشر:
البابية والبهائية حركة دينية اجتماعية، ومجددة بحدودها ما تبنته من تعاليم جديدة، عرفت بين أعدائها بنسخ الشريعة، وإباحة المحارم. ولعلها كانت الحركة الدينية الأبرز في الشرق خلال القرن التاسع عشر، في تبني أفكار جذابة، استوعبت المتغيرات الجديدة، بعد ركود السائد الديني والمذهبي عشرات القرون. عزفت هذه الحركة على وتر المعاصرة والتجديد، مع أن رداءها الديني والمذهبي أدخلها في متاهات الإعجاز وغيرها من الغيبيات...

شارك الكتاب مع اصدقائك