كتاب حكايات سورية ( لها علاقة بالاستبداد )

تأليف : خطيب بدلة

النوعية : الفكر والثقافة العامة

كتاب حكايات سورية ( لها علاقة بالاستبداد ) بقلم خطيب بدلة.. "حكايات سورية" كتاب طريف في فكرته، وفي طريقة تأليفه، وإعداده، وإخراجه، يسعى لتقديم بانوراما واسعة الطيف لواقع سوريا في ظل استبداد حزب البعث وسطوة حافظ الأسد على مدى نصف قرن من الزمان، بالاعتماد على "الحكاية"... بهذا المعنى يكون الكِتَابُ أقربَ إلى الأسلوب الذي ابتكره أبو حيان التوحيدي وأسماه "الإمتاع والمؤانسة"، ومنسجماً مع فكرة "أندريه جيد" حول العلاقة بين الحكاية والمعرفة حين يقول: (نعرفُ فنقصّ الحكايات، ونقصُّ الحكايات لكي نعرف).

قد يتساءل متسائل: كيف لإبداعات ثلاثين كاتباً سورياً، أُنْجِزَتْ في أزمنة متفاوتة، أن تقدم لنا البانوراما السياسية والاجتماعية التي نطمح لمشاهدتها، في كتاب واحد؟
ههنا يبرز دورُ معد الكتاب، الأديب السوري خطيب بدلة الذي سبق له أن قدم كتباً عديدة تعتمد على القصص والحكايات والطرائف السياسية ذات النكهة الأدبية الساخرة، فقد استطاع، بحق، أن يصنع نسيجاً فريداً للحكايات، ويُبرز أجمل ما فيها، من خلال توزيعها على فصول مختلفة، حتى ليشعر من ينتهي من قراءة الكتاب وكأنه قرأ رواية، أو ملحمة، أو مسرودة أدبية بارعة، بطلها هو: الشعب السوري.

من الكتاب:
ذات مرة، في أحد الأيام المشمسة من شهر تشرين الثاني «نوفمبر» الذي كان يُخَصَّصُ كله للاحتفال بذكرى الحركة التصحيحية، جاء إلى ضيعتنا أمينُ فرع الحزب، والمحافظ، وقائدُ الشرطة، وثلة من رجال الدولة.. وصلوا ماشين بجوار بعضهم، متكاتفين، يصفقون ويهزجون بعبارة:
- بالروح بالدم نفديك يا حافظ.
توقفوا أمام المستطيل الحجري الذي يرتفع عن الأرض بمقدر 120 سنتمتر. مد أمين الفرع يده وأزاح الستار عن اللوحة التذكارية لتدشين مشروع جر مياه الشرب إلى القرية.
وأما المحافظ فمد أصابعه وفتح حنفية الماء المتصلة بالمستطيل الحجري المرتفع الذي يعرف باسم «حجر الأساس»، فأخذت المياه تتدفق من الحنفية بغزارة، وعلى الفور قُرع الطبلُ، وتَرْغَلَ المزمار، وأقيمت حلقة الدبكة التي أخذت تتسع حتى صار طولُها أكثرَ من مئة متر!..
حوالي نصف ساعة، غادر الوفد بعدها المكانَ بمثل ما استقبل من حفاوة وتكريم.
في الجانب اﻵخر لجدار حجر الأساس كان ابنُ بلدنا «عبدو الحجي» يفك النربيش الواصل «بشكل خفي» بين صهريج الماء والحنفية وهو يتمتم ببعض الشتائم والمسبات على القيادة القطرية، وعلى أمين فرع الحزب، وعلى عضو الفرع رئيس المكتب المالي الذي وعده بدفع ثمن صهريج الماء، ولكنه، قبل التدشين بقليل، طلبَ منه اعتبارَ هذا الصهريج تبرعاً لثورة البعث والحركة التصحيحية..

شارك الكتاب مع اصدقائك