كتاب رحلة القاهرة المحروسة من عصر الولاية الى عصر الاستقلال الوطني
تأليف : طارق والي
النوعية : التاريخ والحضارات
كتاب رحلة القاهرة المحروسة من عصر الولاية الى عصر الاستقلال الوطني بقلم طارق والي..الكتاب الثاني من متتابعة "لطائف العمران في دراسة المكان" رحلة إلى هذه المجتمعات العربية ، نسطر بها ومن خلالها تاريخ كل منها .. كان الكتاب الأول '' المحرق .. عمران مدينة خليجية '' انها قراءة في تاريخ مجتمع خلال عمرانه ، أو فهم عمران مجتمع خلال تاريخه . ونرجو لهذا الكتاب الثاني أن يكون قراءة لنهج رحلة القاهرة المحروسة من عصر الولاية إلى عصر الاستقلال الوطني ، للعودة بمصر وعاصمتها المحروسة من دور المفعول به إلى دور الفاعل...
البدايـــة .. القاهرة بحكم الجغرافيا والتاريخ معاً وبحكم الوجود عندما تكون فاعلة تصبح مصدراً للإشعاع ، وعندما تكون مفعولاً بها تخرج عن الفعل الحضاري وتصاب بالتخلف ، عاشت انتصارات وانتكاسات على مدي التاريخ ، وكانت هنا انتكاسة سنة 1517 مع الهزيمة وسقوط خلافة العرب وقيام خلافة العثمانيين الترك ودخول مصر عصر الولاية ؛ هنا نجد أنفسنا بحاجة إلى التفكير في حقائق وجودنا وفهم دور القاهرة .
المســـار .. ذروة ما يقدمه الإنسان تشكيل بيئة عمرانية بين الثوابت الجغرافية والمتغيرات التاريخية ، وعمران القاهرة من قبيل المصادفة أو بحكم الوجود هو موروث المجتمع المصري وليس مجرد المنقول فيه أو معه ، كانت القاهرة بموضعها قبل أن يكون عمرانها ؛ تعلو الجبل وهي ليست جبلية ، تجاور النهر وهي ليست شاطئية ، تجمع بين انغلاق في وادٍ ضيق محكوم وانطلاق محتوم إلى دلتا مفتوحة ، واستمرت هنا حلقات متوالدة .
المقصـــد .. نتوجه لبناء فكري يضع العمران في بؤرة نستقطر فيها مكنون الشخصية ، فالقاهرة بطبيعتها مدينة واحدة بحلقـات متتابعة في الزمان وذات المكان ، ولا يمكن فهم تلك المدينة بدون فك طلاسم تلك الحلقات وهو مفتاح شخصيتها . ومقصدنا دراسة المدينة نرجو منها أن تكون في جوهرها ومغزاها فاعلية إيجابية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، مسئولية نرسم ملامحها من تتبع الموروث العمراني والمجتمعي .
بداية هذه الرحلة مع وصول سليم الأول ، نقطة التحول ، أمست عندها مصر ولاية تابعة ومعها القاهرة بعد أن كانت حاضرة الشرق ، عاشت حتى القرن الثامن عشر مع فتن وصراعات وانتصارات وانتكاسات حتى هبت عليها رياح الاستشراق والأطماع العسكرية الأوروبية للهيمنة توّجتها حملة بونابرت حاملة إرهاصات تغييراً جذرياً للقاهرة انتهت إلى وصول محمد علي إلى كرسي الولاية ، وتولدت ازدواجية بين تطلعات الحاكم الشخصية وشرعيته المستمدة من الولاء للباب العالي ، لم يتمكن من الخروج من عصر الولاية إلى الحداثة ، ولم تخرج مصر من التبعية وإن أختلف شكلها دون تغيير جوهرها .. أستمرت القاهرة عاصمة لولاية تابعة أسمياً لدولة الخلافة ، وفعلياً خانعة لسيطرة النفوذ الأوروبي سياسياً واقتصادياً انتهت مع نهاية القرن التاسع عشر بسيطرة عسكرية وقبلها فكرية وتحولات نحو إعــادة تشكيل عمران القاهرة .. ومعها لم يكن المجتمع خامل تبلورت ردود أفعاله في صياغة حركة وطنية ليبرالية ، عرفت استقلال وهمي واحتلال واقعي ، زيف وظلم اجتماعي وتبعية اقتصادية وحراك سياسي وطني محاصر ، كانت الغلبة لطغيان المصالح والهيمنة الاستعمارية أفراداً وشركات ..
هذه هي القاهرة .. وصورتها العامة حتى خمسينيات القرن دراما المدينة وصراع المجتمع .. انحرافات وانتكاسات سياسية واقتصادية ، تحولات اجتماعية مرت بها المدينة وانتهت بها الحتمية التاريخية إلى سقوط الدولة والتحول إلى عصر الاستقلال الوطني الحقيقي مع ثورة يوليو سنة 1952 .
هذا هو كتاب رحلة القاهرة من عصر الولاية إلى عصر الاستقلال .. يقع في أربع مجلدات ويضم بالكلمات والصور والرسومات والخرائط رصد لتلك الرحلة وتحليل لتركيباتها وابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونتائج كل ذلك على عمران المدينة وبنيتها في الزمان وعلى المكان ، معتمدين على تنويعات من المرجعيات المكتوبة والمصورة والمرسومة المحققة والمدققة ...