كتاب سنسافر أنا والكتب بقلم أحمد علي سليمان عبد الرحيم.....سنسافر أنا والكتب! (إنها قصة حقيقية قصيرة حدثتْ للأستاذ القارئ الصومالي الفاضل عبد الرشيد صوفي – حفظه الله تعالى – حكاها بنفسه! وأما عن قصته والتي هي موضوع قصيدتنا ، فيحكيها بنفسه فيقول بأنه عندما كان يدرس في القاهرة ، وأزمع الرحيل منها إلى الصومال ربما في أولى سفراته! وكان قد تجول في أسواق القاهرة القديمة ، حيث الكتب التراثية العظيمة وأسفار العلم الجليلة ، وبأسعار خيالية رخيصة جداً! فقام الأستاذ بشراء كميات كبيرة من الكتب ، وعبأها في كراتين كثيرة! وحملها إلى المطار ، وهناك كانت المفاجأة ، حيث قال الموظف: إن على هذه الكراتين رسوم وزن زائد عن الحد المسموح به كذا وكذا! وذكر مبلغاً كبيراً ليس مع الأستاذ عبد الرشيد منه قليل ولا كثير! فقد أنفق كل ما لديه من المال على الكتب! وقال: والله ما عندي علم بإجراءات السفر والوزن الزائد! بل كان يعتقد كما ذكر أن المسافر يسافر بكل أمتعته التي يحب والأحمال التي يشتهي دون قيدٍ أو شرط! فقال الموظف: هذه قوانين السفر ، وأنا أقترح إما أن تسافر أنت وتترك هذه الكتب ، أو هذه الكتب تسافر وحدها وتتركك معنا هنا في مطار القاهرة! مضيفاً أنه يتحدى الأستاذ أن سفره بالكتب بدون دفع الرسوم من عاشر المستحيلات! فقال له الأستاذ في ثقة المؤمن وإيمان الواثق: سنسافر أنا والكتب! وأنا أيضاً أتحداك! وحظ الأستاذ كان في أرقى درجات حلاوته وعذوبته ، حيث كان أمامه سويعات على موعد إقلاع الطائرة! فكان أمامه بذلك مجال لأن يسعى ويتحرك يمنة ويسرة ربما وجداً حلاً لهذه المعضلة! واتجه فوراً إلى الصلاة في مسجد مطار القاهرة على حد قوله! وهناك أخذ معه تذكرة الطائرة ووضعها داخل جواز سفره ، واتجه للصلاة! وهناك في المسجد دفع به المصلون جميعاً إلى المحراب ليصلي بهم لما ارتأوا من سمته ولباسه ولحيته ، ولربما كان أحدهم يعرفه والله أعلم! يقول: وفي الصلاة تلا قول الله تعالى من سورة النمل: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله؟) ويرددها متأثراً متذكراً حاله وتعقيد مسألة السفر! فلما فرغ من صلاته رأى رجلاً من المصلين خلفه عليه وقار وله هيبة ، وكان قد لبس لبساً رسمياً عليه الشارات والنجوم والنسور والنياشين! ولم تكن هنا الغرابة ، بل كانت الغرابة عندما رأى الدموع تنهمر من عينيه! وهمّ الشيخ بسؤال الرجل ما يبكيك! ولكن الثاني طلب من الأستاذ القارئ لو خمس دقائق يكمل المشهد من سورة النمل بهذه القراءة الحلوة! يقول الأستاذ عبد الرشيد صوفي فاستأنستُ واستبشرتُ خيراً ، فلما قرأتُ بناء عن طلبه أجهش بالبكاء وأخذ النحيب يعلو وكان جواً جنائزياً من رآه ظن أن الرجل فقد عزيزاً عليه لتوه! فغلما فرغتُ من القراءة طلب مني أن أشرب معه الشاي في مكتبه! فلم أتردد ووافقت على الفور! وإذا بالرجل هذا مدير أمن مطار القاهرة الدولي! وسألني عن حالي وحلي وترحالي! فحكيت له الموضوع كاملاً وأن معي كراتين كتب حالت دون إكمال إجراءات السفر! فقال لي: أبشر ستسافر أنت وكتبك إلى الصومال ولا تنسنا من صالح دعائك يا شيخ! وطلب المدير الموظف إلى مكتبه والشيخ لا يزال ضيفاً عليه! وجاء الموظف الذي لما رأى الأستاذ ظن أنه اشتكاه إلى المدير ، فتلعثم واحتار ماذا يقول وكيف يتصرف! وقطع المدير عليه لعثمته وبدد حيرته عندما بدأ بالنهاية وهي قوله: اذهب مع الشيخ وأنه له إجراءات سفره وكتبه فوراً! يقول الشيخ وانتهت الإجراءات في ثوان معدودة!)