كتاب بيروت في قصائد الشعراء بقلم شوقي بزيع ....يعتبر هذا الكتاب إسهاماً هاماً من الشاعر والأديب اللبناني البارز شوقي بزيع "في إيلاء" لؤلؤة المتوسط ما تستحقه من حفاوة وتكريم، وذلك عبر إختياره مجموعة من القصائد والدراسات التي أرخت لبيروت منذ فجر التاريخ إلى عصرنا الراهن، فجاء هذا الكتاب ليضم هذه الأنطولوجيا الشعرية التي تحمل
بين دفتيها عشرات القصائد والمقطوعات التي كتبها الشعراء عبر العصور في مدينة بيروت، مجسداً علاقة الشعر بالمدينة في كل مرحلة من مراحل التاريخ، كما تتبع التحولات الرؤيوية والجمالية التي طرأت على علاقة المدينة بالشعر، فدائماً كان الشعراء يشبهون هذه المدينة الخالدة بالقصيدة، فرأى فيها الشعراء صورة عن الشعر نفسه وهو يحاول عبثاً الهروب من وطأة الإشكال والزخارف البلاغية "المكتملة" لكي يركز إلى بلاغة المفاخرة وجمالية النقصان. وهكذا بأسلوبه الأدبي الشيق والممتع في إرتحالاته بين السطور، إستبق أديبنا النصوص الشعرية المتضمنة في هذا الكتاب لعدة شعراء، بدراسة شبه مسهبة تربط ما بين التاريخي والإبداعي وتلقي الضوء على التحولات التارخية الدراماتيكية للمدينة التي إجتذبت إليها الكثير من الغزاة والفاتحين قبل أن تلفظهم في نهاية الأمر. ومن بين الشعراء العرب وأكثرهم إحتفاء بيروت كان الشاعر نزار قباني، فخصها بقصائد ومقطوعات عديدة وخصوصاً قصيدته المعروفة "يا ست الدنيا يا بيروت" فشفف قلبه بحب المدينة مماهياً كعادته بين المدينة المغدورة والأنثى المغدورة التي كانت "ترش الماء في وجه الصحارى" والتي رغم تعدد القتلة، لا يعفي نفسه من مسؤولية إغتيالها، فيعترف عبر ضمير الجماعة "بأننا أطلقنا النار عليك بروح قبلية، فقتلنا إمرأة كانت تدعى الحرية". أما منصور الرحباني الذي أطلق مع أخيه عاصي والسيدة فيروز ما سمي بالظاهرة الرحبانية والتي رفدت المسرح الغنائي بكل جديد على صعيد الموسيقى والأغنية. يتضمن هذا الكتاب عشرات النصوص وعشرات القصائد لشعراء أحبوا بيروت وتغنوا بجمالها على مر الحقب والعصور. يقول عنها شوقي بزيع: "مدينة قيد الإنجاز وعاصمة لا تكف عن إعادة تأسيس نفسها كلما أنهكها فاتح أو عصف بها زلزال". وهكذا كانت ولا تزال "ست الدنيا".