"ليس بإمكان الدارس إلا أن يسلم بأن الاستعمار الاستيطاني الإحلالي الصهيوني على أرض فلسطين قد ترك آثاره العميقة، و قد تكون الدائمة في المجتمع الفلسطيني. لكن - مع التسليم بهذه الحقيقة- يجب أن نتذكر أن فلسطين بالدرجة الأولي جزء من التشكيل الحضاري و القومي العربي.
كما يجب أن نتذكر أيضا أن الحركة الصهيونية و الدولة الصهيونية هما بدورهما تعبير عن تشكيل اجتماعي و حضاري محدد، و أعني المجتمع الأوربي في القرن التاسع عشر، الذي قام بالهجمة الإمبريالية على آسيا و أفريقيا و على كل أرجاء العالم. و لم تكتسب الصهيونية محتواها السياسي و الفكري و حسب من هذا التشكيل، و إنما نجحت من خلاله في فرض مؤسساتهاالاستيطانية المختلفة فرضاً على الفلسطنين و العرب، أي أننا في مجابهة تشكلين حضاريين و سياسيين مختلفين و متصارعين، اصطداما في فلسطين و عدة أماكن أخرى من العالم العربي.