كتاب فنون ما قبل التاريخ بقلم خزعل الماجدي ما زالت الكتب التي تحاول تقديم (تاريخ الفن) ،في بلداننا العربية، قاصرة عن الوفاء بعرض صورة شاملة ومتسلسلة لتاريخ الفن التشكيلي والعمارة ، فهي غالباً ما تكون مبتسرة وسريعة ولا تحقق الحد الأدنى من الإشباع الروحي والجمالي المنشود لطالب الفن أو للقارئ المتخصص أو العام . وكم كنا نطمح
أن تسنح الفرصة المناسبة لكي نقدم أطالس موسعة وتفصيلية ومزودة بالصور الملونة والتوضيحات لتاريخ ا ما زالت الكتب التي تحاول تقديم (تاريخ الفن) ،في بلداننا العربية، قاصرة عن الوفاء بعرض صورة شاملة ومتسلسلة لتاريخ الفن التشكيلي والعمارة ، فهي غالباً ما تكون مبتسرة وسريعة ولا تحقق الحد الأدنى من الإشباع الروحي والجمالي المنشود لطالب الفن أو للقارئ المتخصص أو العام . وكم كنا نطمح أن تسنح الفرصة المناسبة لكي نقدم أطالس موسعة وتفصيلية ومزودة بالصور الملونة والتوضيحات لتاريخ الفن عبركل مراحله التاريخية ابتداءً من عصور ماقبل التاريخ ووصولاً الى زمننا الحاضر، وهاهي الفرصة قد سنحت لتقديم هذا المشروع .يعطي مشروع تاريخ الفن الأرضية الصلبة لفهم صورة شاملة للفنون والعقائد والأفكار التي صنعتها البشرية عبر تاريخها ، ويمكـّننا من تلمس الحاسة الجمالية التي ظل الإنسان يتمتع بها منذ عصور بعيدة . وهو بهذا التوصيف يعطينا الفرصة المناسبة لتأمل تاريخ البشرية من خلال روحها وجمالها لامن خلال حروبها وملوكها وقادتها ودمها الذي سال عبثاً في مغامرات السياسة والطموح الزائف والمجد الوهمي .البشرية في تاريخ الفن تغتسل من شرورها وتراب حروبها لتطلّ ناصعةً على مسرى الجمال فيها وهو يرتقي بها الى مصافي الإنسانية الحقة .لقد اعطتنا فرصة الإطلاع الخصب على تاريخ الفن(بكافة مراحله ) ثم تدريسه للطلبة ،في جامعة درنة لخمس سنوات، الفرصة الجيدة لوضع محاضرات أولية عن هذا التاريخ ثم غمرتنا الأيام بفرصة التوسع بهذا الموضوع وكتابته بطريقة أكاديمية مفصلة وتعزيزه بالصور والأشكال المناسبة .يضم تاريخ الروح ،كما نراه وكما حاولنا كتابة بعض جوانبه ، رزمةً مكونةً من أربع حزم تاريخية منسجمة الإيقاع هي( تاريخ الفن وتاريخ الأديان وتاريخ الأدب وتاريخ الفكر )، وقد حاولنا الخوض في معظمها للإمساك بنبض الإنسان وهو يجتاز ظلام الزمن بروحه المضيئة .ينقسم تاريخ الفن أكاديمياً إلى خمس مراحل كبرى هي ( العتيق ،القديم ، الوسيط ، الحديث ، المعاصر) وقد وجدنا أن بالإمكان تقديم كل مرحلة من هذه المراحل في كتابين متّصلتين ، وبذلك نستطيع تقديم تاريخ الفن عبر عشر كتب متتابعة .والحقيقة إننا نهجنا منهجاً خاصاً في معاجة تاريخ الفن ، فقد حاولنا تغطية النقص الكبير الذي درجت عليه كتب تاريخ الفن الغربية (والتي لحقتها كتب تاريخ الفن العربية ) وذلك حين أهملت بقصد واضح تاريخ الفن القديم والوسيط بشكل خاص في مختلف أصقاع العالم واقتصرت على بعض نماذجه في الغرب والشرق ، ولذلك حاولنا من جانبنا إنصاف فنون الشعوب التي أُهملت ولم يرد لها ذكر في موسوعات تاريخ الفن المعروفة عالمياً . فعلى سبيل المثال يكون التأكيد في( تاريخ الفن القديم) على فنون العراق ومصر من الشرق ، ومن الغرب على فنون اليونان والرومان . لكننا لم نترك بقعة قديمة أو شعباً قديماً على لأرض إلاّ وتناولنا تاريخه بالتفصيل دعما للتراث الفني الأساسي لهذه الشعوب والتي تأسس شخصيتها بالمعنى الحقيقي في ذلك الزمن لأن فنون العصر الوسيط بنزعتها الدينية الشمولية أدغمت الخصوصيت الفنية والروحية والجمالية التي ظهرت ملامحا واضحة في فنون الك الشعوب في التاريخ القديم ، وكذلك فعل الفن الحديث الغربي النشأة عندما هيمن على تاريخ الفن وهمّش فنون العالم الذي حوله تماماّ وهذا يعني أننا أمام نزعة شمولية مركزية جديدة مازلنا نعاني منها ، ونحن نرى أن العلاج الحقيقي لمثل هذه الأخطاء يكون بإعادة الإعتبار لما أهمله المؤرخون الغربيون والتأكيد على ما أهملوه عمداً وفقاً للنزعة المركزية المهيمنة عليهم أيصاً .يضمّ كتابنا هذا فنون ما قبل التاريخ ، وسنقدم في الكتاب القادم الفن البدائي لتكتمل صورة الفن العتيق ، بعدها سنواصل عرض تاريخ المراحل اللاحقة.يضم تاريخ الفن العتيق ، من وجهة نظرنا ، نوعين من الفنون ، الأولى هي فنون ماقبل التاريخ التي شغلت ماضي الإنسان منذ ظهوره وحتى بداية العصور التاريخية التي كانت باكورتها في وادي الرافدين 3200 ق.م واختلفت هنا وهناك في بقية أصقاع الأرض حسب زمن ظهور الكتابة في المكان الذي يُشارله . أما الفنون البدائية فهي فنون الشعوب البدائية التي مازلت تعيش اليوم أو في الماضي القريب جداً على وجه الأرض وهي ، في حقيقتها ، شعوب ماقبل تاريخية تواصل ظهوردها في التاريخ الحديث والمعاصر وحافظت على ثقافتها القديمة ، فهي ماقبل تاريخية النشأة ومعاصرة الظهور ، أما الشعوب ماقبل التاريخية الحقيقية فقد انقرضت منذ زمن بعيد .شغلت فنون ما قبل التاريخ زمناً طويلاً من تاريخ الإنسان ابتدأ مع ظهور الإنسان الماهر ، وأستطاعت ملكة الإنسان الفنية أن تجمع في خيوطها الجمال والعمل والدين والسحر وأن تعطي نبضات فنية ظلت تتصاعد كلما أقتربنا من العصور التاريخية في الألف الرابع قبل الميلاد. ولكن جمال وعفوية وفطرة هذه الفنون أمور ظلت صامدة بوجه الزمن بسبب من أصالتها وجذورها العميقة. ومن بذور فنون ما قبل التاريخ تسربت أشكال العمارة الدينية والدنيوية والتصوير والنحت والفنون الصغرى. وكان من ضمن منهجنا التأكيد على الفنون أولاً قبل تاريخها فلم نقدّم تاريخ الفن على نوعه ، أي أننا كنا نتناول الفن المعين ونتتبع آثاره في المراحل التاريخية المتلاحقة