فهذا الكتاب الذي يصدر عن هم معرفي قبل كل حساب هو كتاب تاريخ إذن، لكن من التاريخ المفكّر فيه حيث يزخر بالمقارنات وطرح المشاكل واللوحات الأنثروبولوجية واضعاً إياها في الصدارة. ولعله لن يكتمل إلا بالجزء الثالث المخصّص لفترة المدينة حيث يمكن عندئذ الحكم عليه كأثر علمي. وكما هو، فهو إسهام مهم في موضوع حساس لم يُعطِ فيه العرب والمسلمون عطاء ملموساً إلى حد الآن. ولا ريب في أن النبي محمد يستحق أن يُستقرأ مساره بنور المعرفة وألم الجهد، كما استقرأه علماء المسلمين في ماضي تاريخ مجيد.
كتاب في السيرة النبوية 2 تأليف هشام جعيط
كتاب في السيرة النبوية -2- تاريخية الدعوة المحمدية في مكة بقلم هشام جعيط..هذا الكتاب هو الجزء الثاني من «السيرة النبوية»، وهو يتلو الجزء الأول الذي خصّصه المؤلف «للقرآن والوحي والنبوّة»، حيث يستقرئ فيه المؤلف ماهية الوحي وماهية النبوة ويحاول سبر أعماق هذه المعاني من وجهة تاريخية وأحياناً فكرية. هنا، في هذا الكتاب، يغلب الجانب التاريخي مع ما يتبعه من دقة وصرامة في نقد النصوص والتعامل معها. إلى حد كبير، يصل المؤرّخ إلى تدمير الصورة التي وضعتها السيرة للنبي والتي غذّت المخيال الجماعي الإسلامي لمدّة قرون. فهو يضعها تحت مجهر النقد كما يصنع ذلك مع أعمال المستشرقين، لكن من دون تشنّج وبكامل الموضوعية ومع توظيفها بروية حيثما يلزم ذلك.