كتاب قضايا اساسية في المنطق بقلم محمد مهران رشوان.. قد يبدو عنوان تلك الصفحات التي يضمها هذا الكتاب أوسع من مضمونه، ذلك لأن الهدف من لا يعدو، في حقيقة الأمر، تقديم صورة عامة للمنطق التقليدي الذي وضع أساسه الفيلسوف اليوناني العظيم أرسطو. وقد يوحي وصف هذا المنطق بالصورية بأنه وحده، دون غيره من فروع المنطق ما يمكن أن يوصف بهذه الصفة. (بل قد يكون وصف المنطق التقليدي بهذه الصفة أمرا يمكن أن يوضع في حد ذاته موضع الجدل)، والحقيقة أن المنطق أيا كان نوعه أو زمانه هو "صوري" بمعنى أنه لا يتعلق بأمور جزئية بعينها،
بل يهدف دائماً إلى وضع مبادئ عامة تنطبق على "أي" شيء، دون ذكر شيء بعينه، أو ﺇلى وضع "الصور" العامة للتفكير، دون أن يخص أشياء جزئية بذاتها، فالعمومية المطلقة لمبادئ المنطق وقضاياه، هي التي تصبغه بصبغة الصورية التي تعد من أخص خصائص.
أقول، قد يبدو عنوان هذا الكتاب أوسع من مضمونه، مادام موضوعه الرئيسي هو المنطق التقليدي، ﺇلى أننا على يقين من أن هذا المنطق هو الأساس الذي لابد أن نشرع منه في دراسة غيره من فروع المنطق الحديث، فهذا الأخير امتداد له، فهو من ناحية، تصحيح لما قد يكون المنطق القديم قد أخفق فيه، وهو من ناحية أخرى، تكملة لذلك المنطق القديم بإضافة الجوانب التي لم يعالجها. وعلى ذلك تكون دراسة المنطق التقليدي "مدخلا" أساسياً لكل ما عداه من فروع المنطق. وهذا هو السبب الذي من أجله جلنا عنوان تلك الصفحات "مدخل إلى المنطق الصوري".
ولقد حاولنا أن نشير- بقدر ما تسمح به طبيعة هدفنا – إلى وجهة نظر المناطقة المحدثين في بض الموضوعات التي أثارها المنطق التقليدي، ولسنا بذلك نهدف إلى عرض أراء هؤلاء المناطقة بالتفصيل، وإنما نستهدف توضيح طبيعة هذه الموضوعات بوجه عام، وإظهار المواطن التي أخفق فيها المنطق التقليدي من وجهة نظر هؤلاء المناطقة.
وبعد، فالهدف من هذا الكتاب تقديم صورة لطبيعة المنطق بصفه عامه ولوجهة النظر التقليدية على وجه الخصوص، حاولنا فيها أن نتوخى البساطة في العرض، واﻹكثار من الأمثلة الموضحة بقدر اﻹمكان، كما حاولنا فيه أن نبتعد عن الدخول في مناقشات طويلة لبعض المسائل، حتى لا نفقد الخيط الذي نمسك به لنصل إلى هدفنا.