كتاب كلابها أصدق من أهلها ! بقلم أحمد علي سليمان عبد الرحيم ... كلابها أصدق من أهلها! (إنه لعارٌ شنيعٌ أن تكون كلابُ قريةٍ أصدقَ من كثير من أهلها! فلم تشهدِ الكلابُ زوراً ولم تغش ، ولم تخدعْ ، كما يشهد الزور ويغش ويخدع بنو آدم! وأكبر من هذا العار أن نصف بعض المشركين والوثنيين والمَلاحدة بالكلاب! لماذا؟ والجواب: لأن في هذا ظلماً للكلاب ، حيث إنها لم تنكرْ وجودَ الله ، ولم تنسب إلى الله الولد! والمسألة بدأت مذ كانت هناك قرية ، ابتليَ أهلها بالكذب وشهادة الزور ، وفي هذه القريه تزوج رجل بامرأة سراً ، وكان زواجاً شرعياً أمام قوم ، وبحضور شهودٍ ، وبحضور وكيل النكاح ، وبمهر مُعَجّل! وبعد فترةٍ اختلفَ الزوجان ، لأن الخلاف سُنة مطردة! ولو كان بيتٌ يخلو من الخلافات الزوجية ، لكان أولى البيوت بهذا بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -! ولكن الحكمة تكمنُ في علاج الخلافات! ولكن الزوجة ضحية قصيدتنا ، كان زوجها قد طردها من المنزل ، وسلبها جميعَ حقوقها! فذهبت إلى القاضي مُشتكية٠ وقالت: تزوجني زواجاً شرعياً ، ويشهد بذلك فلان وفلان٠ وطلب القاضي حضور الزوج والشاهدين ، فأنكر الزوجُ والشهود معرفتهم بهذه المرأة ، أو حتى أنهم رأوها سابقاً٠فانتدب القاضي زميلين له في المحكمة ، لينظرا معه في هذه القضية الغامضة! ونظر القاضي المنتدب للشاهدين جيداً وللزوجة أيضاً ، وسألها: هل عند زوجك كلاب؟ فأجابت: نعم! قال: وهل تقبلين بشهادة الكلاب وحكمهم؟ فقالت: وهل تصدق الكلاب؟ إن زوجي يطعمها ويرعاها خيرَ رعاية! فقال القاضي: أعتقد أنها ستصدق! فقالت المرأة: نعم أقبل شهادة الكلاب! فقال القاضي الثاني المنتدب ، وقد أدرك حِكمة زميله في محاولة تبين الحقيقة: خذوها إلى بيت هذا الزوج ، فإن نبحتِ الكلابُ عليها ، فهي غريبة تكذب! وإن رحّبتْ بها وهشت وبشت ، فهي صاحبة الدار٠ وهنا ارتبك الزوجُ والشاهدان ، واصفرت وجوههم. فقال القضاة الثلاثة معاً: خذوهم فاجلدوهم ، فإنهم يكذبون٠ ثم قال القاضي الأول الذي نظر القضية وطالع الدعوى لأول مرة: بئستِ القرى التي كلابُها أصدقُ من أهلها! وفي هؤلاء الأباعد شاهدي الزور ، وفي هذه الكلاب الصادقة ، التي بنباحها استفتحتْ على القضاة في محكمتهم ، أنشدتُ من شعري هذه القصيدة مُندداً بشهادة الزور وأصحابها!)