كتاب مذكرات موسوليني (مذكرات قادة الحرب العالمية الثانية)
تأليف : هشام خضر
النوعية : مذكرات وسير ذاتية
كتاب مذكرات موسوليني (مذكرات قادة الحرب العالمية الثانية) بقلم هشام خضر في مذكرات موسوليني التي صدرت عن دار مكتبة النافذة عام 2008 ، وقام بترجمتها للعربية هشام خضر ، نكتشف أهم الأسرار التي تتحدث عن فترة حكم هذا المستبد الطاغية لإيطاليا ، الذي ولد عام 1883 ونشأ في كنف أسرة فقيرة بائسة ، وكان والده أليساندرو يعمل
حداداً لكنه كان قارئاً يطالع الصحف وينكب على قراءة الكتب والنشرات الثورية والاشتراكية حتى وجد نفسه غارقاً في بحار السياسة مما أثر على حالة الأسرة المعيشية ، وقد كان ملحداً لا يأبه بالطقوس الدينية ولم يكن يحفل بالتعاليم والقيم والآداب التي كانت تنادي بها الكنيسة ، وقيل إن أليساندرو الأب كان قد اعتقل أكثر من مرة لهجومه العنيف على نظام الحكم في إيطاليا ، فالإلحاد كان متوارثاً في تلك العائلة حتى أن موسوليني تأثر بوالده ذي الميول الثورية الاشتراكية .ضاقت الأم روزا بحال الأب وراحت تعمل في مجال التدريس لأطفال قريتها حتى تطعم أطفالها الثلاث بنيتو وأرنالدو وشقيقتهما الصغيرة إيدفيج . ويرجع لقب موسوليني فيعود إلى اشتغال أسرته بالعمل في الحرير الموسوليني . وعمل بينتو موسوليني مع والده في الحدادة ، وعاش مع أسرته في الكوخ البائس الذي كان يتكون من غرفتين ، حولت الأم واحدة منهما إلى مدرسة خاصة لتعليم أطفال القرية ، وكان بنيتو يفترش أرضية المطبخ وبجانبه شقيقه الصغير أرنالدو . تلك النشأة القاسية جعلت منه همجياً فوضوياً لم يتورع عن ممارسة أية سلوكيات إجرامية فجة وسافرة ، كالجنس وتعاطي الكحوليات وافتعال الشجار واللجوء إلى السلب والنهب والاحتيال ، بل والاغتصاب إذا دعت الضرورة ، متذرعاً بالفقر والإفلاس والجوع الذي ظل يطارده ويلاحقه طوال سنوات حياته الأولى .وكان لافتاً للانتباه ومثاراً لدهشة المؤرخين أن يتصدر بنيتو المشهد السياسي في إيطاليا ليصبح رئيسها ، بل أهم وأبرز وأخطر وأشهر رؤسائها على الإطلاق ودون أن ينازعه أحد في ذلك . ويبدو أن موسوليني كان قد اكتسب من أمه الشموخ والعزة والاعتزاز بالنفس والكبرياء ، وقد كان يقول لها دائماً أنه سوف يثير دهشة العالم وإعجابه يوماً ما ! . وبالرغم من شظف العيش فقد استطاعت الأم الادخار وشراء مزرعة عنب صغيرة ، وببلوغ بنيتو سن التاسعة قررت والدته إيفاده للالتحاق بمدرسة فاينيزا المقدسة الداخلية . والواقع أن الفتى كان يضيق صدره من سماع التراتيل الإنجيلية كما كان يتقيأ إلى ما شم رائحة بخور الكنيسة عندما تصطحبه والدته إلى الكنيسة لأداء صلاة الأحد . وكان لا يطيق رؤية رجال الكنيسة بثيابهم السوداء .كان بنيتو طالباً مشاغباً وارتكب كثيراً من المشكلات أثناء الدراسة مما عرضه للفصل من المدرسة أكثر من مرة ومما يثير الدهشة أنه كان يحصل على درجات مرتفعة لأنه كان يملك القدرة على سرعة التحصيل والحفظ ، وكان يميل إلى القراءة والاطلاع لتثقيف نفسه ، بل كان لا يمل من قراءة الشعر وحفظ أبياته سواء كانت وطنية أم عاطفية ، بيد أن موسوليني رغم ما اشتهر به من عنف وغلظة فقد كان في حاجة ماسة لمن ينفض عنه غبار سلوكه ويميط اللثام عن مواهبه الخطابية وميوله الأدبية التي تسكنه منذ صغره . وبعد تسع سنوات من التحصيل الدراسي اجتاز الامتحان النهائي وهو في الثامنة عشرة من عمره وتأهل للعمل في إحدى دور التعليم ، وبدأ في صعود السلم الاجتماعي والسياسي بعيداً عن حياة الشغب والفوضى إلا أن عجرفته وغروره وضيق صدره ونفاد صبره وعصيانه وتمرده وخروجه دوماً عن آداب اللياقة والذوق واحترام الآخرين ، كان ذلك كله سبباً في إخفاقه في أداء مهام عمله كمدرس ، والواقع أنه لم يكن ميالاً إلى الالتزام والانضباط والربط والرضوخ للوائح والتعليمات .انتقل موسوليني إلى سويسرا عام 1903 وحيداً شريداً بمفرده بعيداً عن أفراد أسرته الذين كانوا في حاجة لمن يمد لهم يد المساعدة ، وقد قاسى الأهوال في غربته لا يدري أين المفر حتى وجد نفسه مدفوعاً للممارسة التسول والبلطجة ، ونهب ما يتطلع إليه ، وحدث ذات مرة أن هجم على سيدتين إنجليزيتين كانتا تحملان طعاماً وخطف من إحداهما الطعام ، وقد قال في ذلك " لم أستطع أن أمنع نفسي فهاجمت إحدى العجوزين وخطفت الطعام من يديها ، وأؤكد لكم أنهما لو حاولتا المقاومة لخنقتهما ، أجل لخنقتهما " ، الأمر الذي اضطر السلطات السويسرية لإلقاء القبض عليه وإيداعه السجن أكثر من مرة . لكنه لم يكن يأبه بالسجن فليس هناك ما يبكي عليه في هذه الغربة الموحشة التي دفعته ليكون وحشاً حتى أنه لم يشعر بالندم عما ارتكبه من اغتصاب فتاة مسكينة لم تكن عاهرة ، يقول : " لم تكن تلك الفتاة من العاهرات ، وكانت تدعى فرجينيا وهي فتاة فقيرة ولكنها ذات وجه جميل .. أجل كانت جذابة إلى حد كبير .. وفي ذات يوم صعدت معها درج المنزل وقذفت بها على الأرض ثم افترستها .. وعندما انتهى كل شيء كانت تبكي بحرقة وتنهال علي بالسباب قائلة إنني انتهكت عرضها .. أنا لا أنكر ذلك، ولكن أي عرض هذا ؟! " . كان أواخر صيف 1903 حافلاً بالمخاطر والتحديات والآلام فقد استطاع بنيتو موسوليني رغم صلافته وغروره الجامح أن يستأثر قلوب العمال الذين كان قد اقترب منهم وتوطدت علاقته بهم أثناء العمل ؛ حيث كان يروق لهم عصيانه وتمرده وجموحه حتى أن أغلبهم كان يعتبره بوقاً وصوتاً ومنبراً لمن لا بوق له ولا صوت ولا منبر له وأنه يتحدث مع الجميع معبراً عن آلامهم وهمومهم وشكاواهم ، والمفاهيم التي روجها بين طبقة العمال قد أكسبته نفوذاً واسعاً .. على أثر هذا التطور اللافت في حياة بنيتو بدأ يستشعر تغيرات ملموسة في تلك المرحلة العمرية التي أكمل فيها عامه العشرين .. عرض عليه العمال السويسريون أن يتولى سكرتير اتحاد عمال البناء والعمال اليدويين في مدينة لوران وطالبوه بتحمل مسئولية الدعاية والإعلان .ها هي اللحظة قد حانت لكي يصعد الدرجة الأولى في سلم اجتماعي وسياسي طويل يحتاج إلى التريث والصبر والذكاء والشجاعة والثقافة والمرونة وسعة الأفق وحسن الخلق ، وهذا المنصب قدمه في ثوب جديد يختلف اختلافاً جذرياً عن ذلك الذي كان يرتديه من قبل .. وسعى إلى الصحف السويسرية وراح يكتب مقالات نارية تضمنت آراءه الحادة والعنيفة والمتطرفة والتي تروج في جوهرها لتدشين مفاهيم جديدة لاشتراكية تعتمد على الفوضى والعنف وإثارة المشكلات ، ودعا في مقالاته إلى تصعيد العداء مع رجال الدين وإغلاق دور الكنائس لخطورتها على تفعيل العقل الذي استسلم لأصحاب النفوذ والجاه ، وهو ما استسلمت له الكنيسة وباركته دون أن تتعرض له أو تطالب بمنعه وتجميده حرصاً على محبة الشعوب المقهورة تحت عجلات الطغيان والاستبداد والظلم الاجتماعي الذي كان متفشياً على نطاق واسع داخل أوروبا عموماً وإيطاليا على وجه الخصوص بوصفها مسقط رأسه ومركز الديانة المسيحية لنصارى أوروبا .ويستمر موسوليني في إشعال نيران الغضب بهجومه الضاري على السيد المسيح وحوارييه في استفزاز فج ، ويمضي في خطبه النارية قائلاً : " ومن هو ذاك المسيح إذا لم يكن هو الرجل الوضيع الصغير الذي أمضى زهاء عامين يجاهد لتغيير ديانة أهالي بعض القرى عن معتقداتهم وديانتهم ، لقد كان الحواريون في ظني الاثنى عشر مجرد جهلة أفاقين ، بل إنهم من حشرات فلسطين وحثالتها " . على إثر ذلك طالب رجال الدين المسيحي في سويسرا بطرد هذا المهاجر الإيطالي خارج سويسراً ، ومع تزايد شعبيته شن حملة هجومية قاسية على النظام السياسي الحاكم في سويسرا ، وكانت سويسرا في تلك الأثناء نموذجاً للحرية والديموقراطية في العالم بيد أن موسوليني لم يكن تروق له الديموقراطية على الإطلاق .في تلك الفترة قرأ بنيتو مؤلفات عديدة متنوعة لكبار العلماء والأدباء والفلاسفة أمثال سترنير ونيتشه وشوبنهور وكارل جوهان كوتسكي وفرديناند لاسال ، وقد تأثر إلى حد كبير بما جاء في كتاب " نفسية الجماهير " الذي ألفه الفيلسوف الفرنسي جوستاف لوبون لما لمسه في هذا الكتاب من أفكار ورؤى ونظريات وعبارات تجسد وتعبر عما تختلج بنفسه .لمع نجم موسوليني وذاعت شهرته وبات حديث الصالونات والمنتديات وحلقات النقاش السياسية ومحور اهتمام الدوائر النقابية والحزبية والصحفية لطلاقة لسانه وقوة بيانه خلال الخطب التي كان يلقيها على أسماع جماهير لوزان وبيسرن. كما كانت أفكاره تتناغم مع معتقدات الطلاب الروس الذين اشتهروا بميولهم للعنف والغلظة واستخدام القوة في تفعيل رؤاهم وتطلعاتهم وأحلامهم نحو الوطن . الأمر الذي جعل بعض أتباعه يلقبه باسم " بنيتو شكا " بيد أنه أبدى امتعاضه ومقته لهذا الاسم ، على اعتبار أنه يعني شيئاً من الدلال والميوعة على عكس ما كان يلقب نفسه بـ " رسول العنف " .قررت السلطات السويسرية طرد موسوليني فعاد إلى قريته " دوفيا " وارتمى فور وصوله في أحضان أمه الحنون التي أدهشها مظهره الغريب حيث كان قد بدت عليه ملامح رجل يافع ، فقد كان ذا شارب أسود غير مهذب وكث اللحية السوداء وتحيط عينيه هالة من السواد ، ولون وجهه لا يخلو من الشحوب والاصفرار . أصر موسوليني على مغادرة إيطاليا قبل أن تستدعيه الشرطة الإيطالية لضمه إلى القوات المسلحة الإيطالية التي كانت تتعرض لحروب طاحنة ، وأزمات جوع وأوبئة أبادت آلاف الجنود ، الأمر الذي دفع عشرات الآلاف من الشباب الإيطالي إلى الهروب لسويسرا وفرنسا وألمانيا بأنفسهم من جحيم الجيش المستعمر ، من هذا المنطلق عاد بنيتو موسوليني إلى سويسرا على أمل العيش بها آمناً سالماً مطمئناً بدلاً من حياة الفوضى البهيمية التي كان يعيشها من قبل ، متعهداً لنفسه ، لا يتصادم على نحو أو آخر مع السلطات السويسرية ، وأن يسعى جاهداً للحصول على فرصة عمل تليق به .لكن موسوليني الذي اعتاد حياة الصخب والقلق ما كان ليهدأ أو ليستكين فقد عاد لممارسة هوايته المحببة لنفسه ، وراح يشن هجوماً كاسحاً على الحكومة السويسرية مرة أخرى كأنه قد تاق لهتافات الجماهير وحشودها الغفيرة وصياحاتها المثيرة : برافو موسوليني .. برافو يا رسول العنف .. برافو أيها الشجاع .مما اضطر الحكومة السويسرية إلى اعتقاله مرة أخرى وإيداعه في السجن حتى أطلق سراحه في مطلع عام 1905 على أمل أن يلتزم بقوانين البلاد وألا يثير الشغب مرة أخرى .. لكن في الواقع فإن موسوليني كان يهوى الاعتقال لتزايد شعبيته حيث كانت الصحف والمجلات السويسرية والأوروبية تتناول سيرته وتتعرض تفصيلاً لحياته وتتصدر صوره صفحات وأغلفة الصحف والمجلات بوصفه الثائر الاشتراكي العنيف الذي تتأجج النيران بداخله أملاً في الإصلاح والتنمية والبناء والاستقلال والمساواة .التحق موسوليني بجامعة صيفية لتعلم الدروس السياسية ، وبعد أن استكمل دراسته في جامعة لوزان قرر العودة إلى إيطاليا بعد المرسوم الملكي بالعفو عن جميع الشباب الذين هربوا خارج إيطاليا ، فعاد إلى قريته مرة أخرى ليعيش مع أمه وأخوته ، ولكن ماتت الأم وكابدت الأسرة شظف العيش مرة أخرى .عاد موسوليني إلى مسرح الحياة السياسية في عام 1908 ليؤجج مشاعر الشعب ضد النظام الملكي الإيطالي وبالطبع لم تخلُ صفحات الجرائد والمجلات وأحاديث المقاهي والمنتديات والصالونات من ذكره ومتابعة أخباره بوصفه زعيماً ثورياً اشتراكياً وطنياً جاهد إلى تحرير بلاده ونهضة أهلها البؤساء الذين أجهدهم الفقر وأذلهم الجوع ، لكن القبضة الملكية كانت قوية غاشمة فرمت به في السجن ، وبعد قضاء فترة العقوبة توجه إلى النمسا بإيعاز من أصدقائه وبعض معارفه الذين وثق بهم ، وفي النمسا استقبلته الجماهير وكأنه زعيم أجبرته سلطات الاحتلال على الذهاب إلى المنفى ، وتولى وظيفة في نقابة العمال التي كانت في حاجة إليه لتحريك ثورة عمالها وإشعال لهيبهم ليحرق صدور الأغنياء الرأسماليين الخنازير ؛ على حد وصفه لهم . ومثلما كان مصيره في سويسرا وإيطاليا فإن السلطات النمساوية زجت به في السجن لعله يرتدع وبعد أقل من عام اضطرته الحكومة النمساوية إلى العودة إلى بلاده .ذاعت شهرة موسوليني في اصطياد النساء عبر وسائل متنوعة وتميز مسكنه بوكر الغانيات اللاتي يترددن عليه لممارسة الرذيلة وتعاطي الخمور والمحرمات ، كاد كل هذا يقضي على مصيره ومستقبله ، لاسيما وأن من حولهم كانوا يخشون على زوجاتهم من ممارساته الفجة والعنيفة ، والتي لم يكن يتورع في القيام بها في سبيل إشباع رغباته . ورأى أنه لا بد من الزوج حتى ينهي تلك الحياة الفوضوية التي كادت أن تقضي على حياته ومستقبله فتزوج من فتاة تدعى راشيل ، وعاش معها وفياً رغم سيرته التي كانت تعرفها جيداً . وأسس جريدة " الصراع الطبقي " وراح يدعو الاشتراكيين الغلاة على استخدام العنف والقوة ضد النظام . وظهرت شعبية موسوليني في خبر وفاة والده حيث ذاع الخبر كل أنحاء البلاد وكثرت الجماهير أثناء تشييع جنازته الأمر الذي أدرك معه بنيتو مدى التفاف الجماهير حوله . كما أدرك موسوليني نية الحكومة الإيطالية في احتلال ليبيا والتوسع في أفريقيا على حساب دولة الخلافة التركية ، وأخذ يندد بالحكومة التي تريد أن تستعمر البلدان المسالمة وطالب مع زعماء الاتحاد العام بضرورة اللجوء إلى الإضراب الشامل والعام لإصابة البلاد بالشلل لعل الحكومة تتراجع عن قرارها الغاشم والظالم الذي كان يعبر بجلاء عن أطماع الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة والجائعة . وراح يقلب الجماهير على الحكومة التي قبضت عليه وأودعته السجن ، وبعد حوالي خمسة أشهر أفرجت عنه بعد أن لمست هدوء الأوضاع وعودة الانضباط إلى الشارع .. خرج بنيتو ليمارس نشاطه وأسس حزباً اشتراكياً ثورياً شعبياً ، واستطاع أن يسيطر على أروقة الحزب الاشتراكي في مؤتمره الذي انعقد في مايو 1912 ورجحت كفته على خصومه من الاشتراكيين أعضاء المؤتمر القومي الاشتراكي وانعقدت اللجنة التنفيذية للحزب الاشتراكي وأصدرت بياناً بإجماع اللجنة على تنصيب البروفيسور بنيتو موسوليني من بلدة فورلي رئيساً لتحرير صحيفة الحزب " أخانة " ، وجاهد بنيتو من أجل انتشار الجريدة حتى يثبت لمن رشحوه بأنه جدير بهذا المنصب ، وتطلع إلى رئاسة الحزب ، وأمام نفوذه الطاغي بين أعضاء حزبه وجماهير إيطاليا كان بنيتو يخطط سراً للوصول للبرلمان الإيطالي بوصفه أحد أعضاء الحزب الاشتراكي على اعتبار أن هذه الخطوة تعد الأهم والأخطر في تاريخه الحزبي النضالي .وفي صباح الثاني والعشرين من شهر أكتوبر 1922 وقف بنيتو بقامته أمام مجلس النواب الإيطالي بوصفه رئيس الحكومة الجديد قائلاً في خيلاء أثارت دهشة من لا يروق لهم ، وإعجاب من يميلون لأسلوبه وسياسته : " أيها السادة .. أود أن أبلغكم في هذا المقر التاريخي العريق أنه كان بمقدوري أن أحيل تلك القاعة الهادئة إلى قاعدة عسكرية مكتظة بالأسلحة يحملها أنصاري من ذوي القمصان السوداء . كان بوسعي أيضاً يا سادة أن أنصب هنا بالتحديد متحفاً للجثث ، وأحفر بحراً من الدماء وآخر من الدموع ، بل لا أغالي إذا قلت لكم بملء الفم إني كنت على استعداد أن أوصد أبواب قاعتكم هذه بالمسامير ولن يستطيع كائن من كان أن يقاومني أو يعارضني " .