كتاب معضلة الأصولية الإسلامية بقلم هاشم صالح..الأصولية في أحد معانيها تعني التمسك الحرفي بالنصوص الدينية، والفهم الخاطئ لها، والانغلاق في إسار الماضي الغابر، واحتقار الحاضر والمستقبل معاً. ذلك لأن نظرة الأصولي مستديرة دائماً إلى الوراء لا إلى الأمام. إنها مثبتة على لحظة معينة من لحظات الماضي، لحظة تتعالى على كل اللحظات! وظاهرة الأصولية هذه ليست حكراً على الدين الإسلامي وحده، بل إن جميع الأديان الكبرى بلا استثناء أفرزت "أصوليتها" في لحظة من لحظات تاريخها، أعني: التزمت الديني أو التطرف والغلو في المعتقد. وهو تطرف قد يدفع بصاحبه إلى حد قتل الآخر لأنه لا ينتمي إلى دينه أو يدين بمذهبه. ولذلك فإنه توجد أصولية إسلامية كما أصولية يهودية وأخرى مسيحية، بل وتوجد حتى أصولية سنية أو شيعية، كاثوليكية أو بروتستانتية، وحتى أصولية هندوسية...
ولما كان من الواجب التمييز بين الفهم الأصولي للدين وبين الفهم الليبرالي أو العقلاني له -وهو تمييز يصعب أحياناً على المثقفين القيام به، فما بالكم بعامة الشعب- فقد حاولت في كتابي هذا أن أسلط الضوء على مواقف عدد من المفكرين العرب والأجانب من هذه الظاهرة لكي تستبين لنا من كل جوانبها إن أمكن، وارتأيت إجراء ذلك عبر استعراض عشرات المؤلفات الحديثة التي تعالج ظاهرة الأصولية بأقلام كتاب مرموقين من الأمثال: محمد أركون، كورنيلوس كاستورياديس، محمد شريف فرجاني، مكسيم رودنسون، محمد عبد المطلب الهوني، برونو إيتيين، جبل كيبل، عبد الوهاب المؤدب، غسان تويني، ألفريد مورابيا، أوليفييه روا، كمال عبد اللطيف، مالك شبل.. وآخرين عديدين. ومن خلال تحليل ما جاء به كل هؤلاء وغيرهم، ومناقشة أهم طروحاتهم وآرائهم في المسألة والإضافة الشخصية إليها، حاولت جاهداً أن أتوصل إلى فهم جذور هذه الظاهرة الضخمة التي بلغت بصماتها المتفجرة ومفاعيلها المدمرة زوايا العالم الأربع.