يتضمّن "أحلام أولاد أحمد الضائعة" نصوصا تصوّر معاناة الشاعر في أيامه الأخيرة وتحكي وجع الفقد الذي تملّك المصباحي بعد رحيل صديق الأربعين سنة. ولقد تفاقم لديه هذا الشعور بسبب الخلاف الذي كان قد نشب بينهما وحال، على ما يبدو، دون أن يلتقيا في" اللحظة الحاسمة".
في السادس من أفريل 2016، أتى حسّونة مقبرة الجلاّز وواكب عن بعد مراسم الدّفن الرّسمية التي تخللتها" خطب ديماغوجية ووجدانوفية يلقيها من لفظتهم زوابع وتوابع "الرّبيع العربي". فبدا له جثمان صديقه محمّد الصغيّر "الهطّاي"، وكأنّه جثمان إنسان آخر، غريب عليه. بقي على مسافة من كل ذلك ولم يتمكّن من توديعه الوداع الأخير. فلا عُزِّي في صديقه ولا هو استطاع أن يقدّم العزاء فيه لمن يستحقّه.
كان هذا الكتاب بمثابة الثأر لحسونة ليستعرض فيه ما لم يستطع قوله إبان الجنازة أو بعدها خاصة ردّا على السّجال الإعلامي الصاخب الذي جدّ بعيد وفاة الشاعر وتحديدا إثر نشر المصباحي على صفحته في التواصل الاجتماعي قصيدة للمرحوم رضا الجلآلي تحمل عنوان "نحبُّ البلاد كما لا يحبّ البلاد أحد " يتداخل نصها تداخلا مثيرا مع قصيدة أولاد أحمد الذائعة الصيت. ولقد نشرها المصباحي دون أن يفصح آنذاك عن الدوافع، فرأى في نشرها بعض الصحفيين وأصدقاء الشاعر، لا سيما زوجته، اتهاما جليّا من المصباحي لأولاد أحمد بالسرقة الأدبية، واستنقاصا منه لموهبته وتبخيسا لمكانته المتميّزة في الوجدان التونسي.