رواية الإيراد من تأليف علي حزين .. العربة تقترب من السجن العمومي .. ٌتبطئ من سرعتها شيئاً فشيء .. وهي ٌتعطي تلكس بطريقة ما .. وقد أرعشت أنوارها الأمامية ..
" تذكرت ذلك المشهد المحفور في الذاكرة.. المعروف في الأفلام القديمة ــ الأبيض والأسود ــ عند موعد تسليم وتسلم البضاعة .. في الزمان والمكان المتفق عليه .. بين العصابة وبطل الفيلم .. والشرطة مختبئة في مكان ما غير بعيد .. حتى يتمكنوا من القبض علي أفراد العصابة , وهم متلبسون بالجريمة , ولا أدري .. لماذا لم يقبضوا عليهم قبل تسليم وتسلم البضاعة..؟!.. وبمعنى أخر .. لماذا لا يمنعوا الجريمة قبل وقوعها .. ؟! .. العربة تركن بجوار السور العالي .. أمام البوابة الرئيسية للسجن الكبير برهة من الوقت .. يُخيم فيها الصمت علي المكان.. والظلام يلقي بظلاله على كل شيء .. والوجوه الواجمة الشاحبة يملأها الخوف , والقلق من المجهول ... حُب الاستطلاع والفضول .. دفعني لأن أتفقد المكان , أرفع بصري لأعلي السور العالي .. حيث الأسلاك الشائكة ــ علمت فيما بعد أنها مكهربة ــ والجنود المدججين بالسلاح .. شعرت بضربات قلبي غير منتظمة , تعلو , وتهبط .. وشعرت بدبيب الخوف يدبّ في قلبي .. وقشعريرة سرت في جسدي .. أخرجت سيجارة من جيبي بتوتر .. أشعلتها في ارتباك , وقلق .. أخذت نفساً عميقاً .. حبسته في صدري .. أخرجته مع تنهيدة قوية .. اتجهت بوجهي إلي داخل العربة ذات الرائحة الكريهة .. لأتفقد الوجوه الناظرة الحزينة .. التي جاءت معي منذ الصباح .. والتي لا اعرف إلا القليل عن أصحابها ...
" احمد " هذا الشاب الوسيم الأنيق .. القاضي حوّل أوراقه إلي المفتي اليوم حكم عليه بالإعدام .. تهمته ..