فى البدء كانت الكلمة، أمر الله هو الكلمة، كن فيكون كاف ونون ، الكلمة نوعان كلمك طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء، وكَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ، كما قال ربنا عزو جل .
الكلمة بحور تروى عطش الظمأن، يسمعها الغضبان فتهدأ جوارحه، و يسمعها العاشق الولهان فيطمئن بها قلبه، وتكون لليائس الكئيب مفتاح الأمل والفرج . بالكلمة يجمع الله بين زوجين رجل وامرأة في رباط مقدس، ويبني بها بيتا وأسرة، وبالكلمة أيضا يتفرقا . الكلمة يقرأها المرء فتنقلب حياته من حال إلى حال، ينتقل من ظلمات الجهل إلى رحاب المعرفة والنور فالكلمة نور وضياء ومعرفة وحضارة وتقدم تترقى بها الأمم . وبالكلمة تشتعل الحروب والثورات وبها ترفع أغصان الزيتون شعار السلام . وحصائد الألسن كلمات، تكبك على وجهك فى النار أو ترتفع بك فى الجنان . فالكلمة تبكيك وتفرحك، وهناك كلمة لا تلقى لها بالا فتهوي بك فى النار . والكلمة حياة المؤمن وغذاء روحه وشفاء الأبدان، وكتب الله المقدسة ما هى إلا كلمات نورانيه تخترق الأفاق، من آمن بها نجى ومن كفر بها هلك . فالدنيا ليست سوى كلمات تترجم إلى أفعال . انفرط عقد الزمن وانساب كما ينساب الماء من بين اصابعى حين أمد يدى لأغرف بيدى من الماء فلم يبلغ الماء فمى ولم أرتوى !! وسألت نفسى بصوت خافت وأنا اتأمل مياه البحيرة الساكنة : لماذا نشعر بأن الزمن يمر بسرعة كلما تقدم العمر؟