متاز لغة البليك بانثيالها وقبضها على التفاصيل، وطاقتها على الثورية، انه باحث مجد في عروق المعنى، يصوغ شخوصه كما لو انه يعمل على حياكة سجادة فارهة، وينهض في نصه الروائي، داخل عوالم مسكونة بلحظات انسانية
لا تتكرر إلا في الاحلام والوقائع الضالة. في رواية دنيا عدي التي، تسرد عالما متخيلا.. مستوحى من حكاية ابن الرئيس العراقي صدام حسين، يجرنا البليك بغلظة متناهية، نحو طقوس الموت والخراب التي تعتمل في الذات المتعالية، المشدودة إلى سوبر ما نيتها الكاذبة. وفي قصة عدي، مادة درامية ووثائقية عالية التشويق، لكن الروائي هنا، ينحاز إلى ما تبتكره المخيلة من احداثيات تزيح النص عن الواقع وتجعله يتمكن من مغالبة الواقع، بقراءة موازية له، قراءة تستنهض كل ما يمكن للمخيلة ان تعمل عليه في هذا المنحى، مسببا لقارئه صدمة مهولة حين يكتشف من خلال بطل الرواية المصاب بمرض السلطة، قوة الجفاء الانساني والقسوة التي يمكن للبشر ان يحملوها بين اضلاعهم، متورطين في صوغها كنصل، كل من يقترب منه يجب ان يسيل منه الدم. تتقاطع الشخوص والمصائر في «دنيا عدي» بين الراوي والشخصية الرئيسية بمتوازية تنهل من السيرة الذاتية للروائي ومن سيرة عدي ذاته، وكأنه يحيلنا هنا إلى مساحة من القراءة التجريبية التي تبحث وتكتشف ذوات بشر منهكين.. ممزقين يبحثون عن مصائرهم دون جدوى في دنيا عدي.
يكتب في فصل «شبح عالم قديم»