رواية سنوات العتمة بقلم جمال سليمان..إختفت معالم البيت تماما إلا من جدار غرفة الجلوس الذي ميزته بلونه الأزرق وما تبقى منه إلا جزءاً لا يصل إلى طولي. أفلتُّ يدَ "نجم" وإتجهتُ إلى الحائط المنكوب فرأيت اللون الأحمر القاني قد غطى معظمه وكأن شخصا ينزف قد تمرّغ فيه. إنقبض قلبي وأحسست بالخوف على والدي وسرت بجسدي نوبة من الألم. أشعربقطيع من النمل يدُب تحت جلدي ويتوغل ليصل إلى عظامي فيتخرها ويفتتها. نبضات قلبي تتسارع في خوف وترقب. أخذت أفتش بيديّ في أكوام التراب وأرفع الأنقاض.
كان لـ "نجم" ساعة يد أهداه إياه والدي وكانت ذات مكانة خاصة لديه فجعل يبحث عنها ويفتش في الزوايا وبقايا الهدد وكان لديّ دمية صغيرة على شكل دب صغير ورديّ اللون كنت أحبه جداً أهداه إليّ أيضاً والدي منذ عامين وكان لا يفارقني إلا قليلا. كان همي الوحيد أن أعرف ماذا حدث لأبي ثم أجد الدمية. مرت دقائق حرجة انشغل أخي فيها بالبحث عن ساعته. وأنا أفتش عن الدمية وفي تلك الأثناء وأنا أغربل كومة من التراب عثرت على غُترة أبي التي كان يتلثم بها. أحسست بأن قلبي قد سقط في قدميّ وأنا أٌمسك بها وأقلبها وأنفضها من التراب. كانت غارقةً في الدماء والغريب أن الدم لا يزالُ لزِجاً كأنه أُريقَ منذ دقائق. إرتعدت حين لمست يدي الدم وأحسست بألم في معدتي وأخذتُ أبكي ..
هل هذا دمُ أبي..؟
هل قتلوه حقاً .. أم أنه إستطاع الهروب ..!!
لا أريد أن أصدق أن أبي قد قُتل ..