رواية سيمافور بقلم علي عاشور المحظوظون فقط هم من يمنحهم القدر فى طفولتهم آباءً و أجدادًا شغوفين بالحكي, فيجمعون حولهم الأبناء و الأحفاد كل مساء ليقصوا عليهم كل ما شهدته أعينهم .. عن الأجيال التي سبقتهم وعن أنفسهم..عن جذورهم.. والأماكن والأزقة التي عاشوا فيها أو عبروا يومًا منها.. وعن عذاباتهم التي لم تكن سوى تسجيلًا لعذابات
مجتمع بأكمله.ثم يشب هؤلاء الأطفال و تعتصرهم تجاربهم الخاصة التي تكون أشد ثراءًا عندما تصادف أحداثًا كبرى فتغدو جزءًا من تكوين الأماكن و البلدان و الأزمنة.. وهكذا- مع ما حفظته ذاكرتهم من حكايات الآباء والأجداد - تتجمع لدى بعضهم سلاسلٌ مكتملة من تاريخ تلك الأماكن وتلك الأزمنة ربما تتخطى قرونًا.وقد يستمر القدر في إسباغ نعمه على بعضهم فيمنحهم الملكة التي تمكنهم من تحويل تلك السلاسل من ومضات خاطفة فى العقل إلى كلماتٍ يطارد بعضها بعضًا على صفحات كتابٍ ليصبح فى النهاية القارئ هو الأكثر حظًا من الجميع حين تتجمع بين لديه تلك السلاسل المكتملة من الأحداث فتزيل عنده غموض بعض الأماكن لتنطق بين يديه بسرها..إن رواية سيمافور هي أحد تلك الأعمال السردية لأدب السيرة الذاتية التي تحمل إحدى تلك السلاسل.. قد يظن القارئ للوهلة الأولى أنها تخص صاحبها و لكنه يكتشف فى النهاية أنها مع غيرها ليست سوى سيرة للوطن فى أزمنة نعرف عنها القليل.الناشر