رواية شبابيك زينب بقلم رشاد أبو شاور ..."في ذلك المساء الشتوي، الضبابي، أشعلت زينب مشعلاً، وفي دقائق قليلة، تأججت المشاعل تحت الظلام والضباب، فصارت للمدينة عيون، وسرى دفء ودوّى رصاص عشوائي، ومرقت سيارات الداوريّات في وسط المدينة مطلقة أبواقها مشعلة أضواءها العالية. يا لها من مدينة! منذ ألوف الأعوام وهي تشعل
النيران على رؤوس جبالها، فترى المدن والقرى البعيدة وتتنبه وتستعد للقتال. كانت الشعل تنتقل على القمم من نابلس إلى القدس إلى عكا الشريفة، وتدور وتدور وتشرئب النيران. ها هي الأبواب تنشق عن الخلق، وها المدينة تنبض بقوة، وها زينب العاشقة تندفع متمنية لو أن مصطفى معها، إلى جدارها، يحمل مشعلاً، ويضغط بيده على يدها. خالي: أنا أحب هذه المدينة، عندك حق، فهي جميلة رشيقة شجاعة.. مثلك! يا خالي.. يا زينب: نابلس هي قلب فلسطين، لست أستغرب أبداً هذا الحب في شوارعها وأزقتها وشرفاتها وتحت أقواسها وعرائش ياسمينها، مدينة نارية حقاً، هذه المدينة المشتعلة دائماً هي من برج الجوزاء".