إذا كانت الريح تمحو آثار الحجيج ،والطقوس تحجب النبع الزول عن أعينهم ، فإن إيمان طفل واحد في العالم قادر على تحويل اللامرئي ،ذلك المحجوب عن الأفئدة والبصائر معاً،إلى معجزة تعاين آثارها بقوة الشوق وحده.
وإذ يجعل إيريك إيمانويل شميت من هذه الفكرة عصب روايته ، فإنه يواصل رحلاته الرستكشافية في مجاهل الذات البشرية وتخومها،بإصرار ودأب شديدين ،ويرافق القارئ في رحلة حج طويلة إلى إفريقيا أخرى > غير التي نعرف ، إفريقيا الإيمان ، ونبع البشرية الأول .غير أن الحاج في هذه الرواية ،ليس سوى (فيليكس) الصبي الذي يسعى إلى العثور على أمه ،ومن ثمة تصل بنا طريقه إلى ذلك النبع المنسي ،ونكتشف معه حرارة المعجزة.
على خطي كبار المتصوفة ،يمنحنا شميت ها هنا تلك الفرصة الوحيدة ،لمغادرة منطقة الشكوك وتمزيق حجب الخوف من المعرفة بقوة الشوق ،شوق طفل إلى أمه ، وشبق البراءة إلى نبعها الأول