رواية لن تجن وحيدا هذا اليوم بقلم أم الزين بن شيخة المسكيني ....لا شك أن ثورات الربيع العربي ألقت بظلالها على حركة الأدب في الآونة الأخيرة وتميزت بقدرة فائقة على تصوير الواقع الذي أدى الى الثورة أو تصوير حالة الثورة أو إطلاق المشاعر والمواقف منها، وتشكل رواية "لن تُجنّ وحيداً هذا اليوم" لأم الزين بن شيخة المسكين، إحدى المرايا
التي تعكس هذا الواقع لا سيما في بلدها تونس، حيث رصدت الكاتبة أثرها على الأشخاص والجماعات، وانعكاسها في طبيعة العلاقات، وكل ذلك جاء من خلال تصوير فني يتتبع حركة المكان والزمان والضحايا، وقد لا نستغرب أن يتحول الأموات والقتلى إلى شخصيات روائية تقوم بأدوارها داخل النص، فشخصيات الرواية هم ضحايا المرحلة السوداء الاخيرة في غير بلد عربي، وهي مرحلة تركت ندوباً واضحة على أجساد الشخصيات ونفسياتها وعقولها، فنرى بينهم العاقل والمجنون والمهجَّر كل هؤلاء يتسللون إلى النص "هنا مستشفى الرازي للأمراض العقلية.. كان المكان وسيماً ورحيماً.. أرحم من قضبان السجن المدني بالمرناقية.. كنت أحدق في هذه الشخوص أرها كما أرى أصغر أبنائي يلعب إلى جانبي واختلطت عليّ الشخوص.. ولم أعد أعلم أيها أنا؟؟ (...)" وهكذا ففي سرد الحكايات حكايات من خذلتهم الحياة تنعدم المسافة بين الحياة والموت، بين الحياة والحكاية، بين الذاكرة والمخيلة، وبين الوقائع والتخيلات، كل هذا يعكس فوضى الواقع، وفوضى الثورات، وتتبعثر المشاهد والحكايات في "لن تُجن وحيداّ هذا اليوم"بمقادير محددة، فتغدو الفوضى السردية بناءة تغرد للتجريب والحرية هامشاً ملحوظاً.تتألق الرواية من وحدات سردية طويلة جاءت تحت العناوين الآتية: "طوابير تحت جلدي"، "مسوخ ضاحكة"، "كلب تاه عن قصته"، "هذا الجثمان يستحق الدفن"،"نخلة مغتصبة"، "وجوه الملح" (...) وعناوين أخرى.