رواية نصيبي من باريس بقلم أحمد المديني.." نصيبي من باريس" للروائي والكاتب المغربي أحمد المديني .
يقع الكتاب في 280 صفحة من القطع المتوسط، وينقسم إلي ثلاثة أقسام، يضم 47 فصلاً تحكي كلها عشق المؤلف وغرامه ورحلاته إلى باريس، حينما كانت باريس فى الستينات قبلة كل مفكر وأديب عربي لا تكتمل رؤيته للحياة دون زيارتها.
في الجزء الثاني من الكتاب وعنوانه " دفتر الأصحاب " ويصّدره المؤلف بقول الفرزدق :أولئك أصحابي فجئني بمثلهم ... إذا ما جمعتنا يا جرير المجامع.
يتحدث فيه عن صداقاته التي تعرف بها فى باريس كما يقول " وهؤلاء الذين أحب أن أتحدث عنهم بعض عمر عشته هنا، اكتفي بالإشارة، منهم أساتذة لي، وآخرون أدباء، وفيهم ناس أصلاء، ومنهم أطياف، ولكل واحد مكانه في القلب والعقل لو حازه "، ومن هذه الشخصيات : جمال الدين بن الشيخ، أحمد عبد المعطي حجازي، عبد الرحمن منيف، محمد باهي، محمد آيت قدوّر، محمد عابد الجابري، شاكر نوري ( الممرض )، عبد الواحد عوزري، عبد الرحيم الجلدي ( لمزابي ).
أحمد المديني ، يبدأ رحلته في الكتاب بالكلام عن مولده ونشأته في " بلدة زاهرة بإقليم الشاوية الخصب في المغرب الأقصى، في عائلة ميسورة، وفي بيت علم وفقه ومحتد ذي أصل وفروع وزرع " وقت استقلال المغرب، ثم هجرته إلى الدار البيضاء ومنها إلى فاس – المعنونة آنذاك، كما يقول المؤلف - بالعاصمة العلمية لوجود جامعة القرويين : " وما كانت فاس إذاك منفى وإنما أقرب إلى مقام منكفئ على نفسه يراود الكلام، وليس له من صلة بالأنام إلاّ الضروري مما لاغنى عنه "
كل ذلك في مدخل الكتاب من الجزء الأول وهو بعنوان : عتبات حياة، حيث تأتي هجرة المؤلف الثالثة إلى دولة الجزائر، والعودة إلى المغرب، وأول مرة يسافر فيها إلى باريس التي جعلها عنواناً لكتابه، وفي هذا السياق يرصد المؤلف التناقض الذي يعيشه العرب وهم يهاجمون الغرب ويلعنونه صباح مساء ثم يحلمون بالسفر إليه والإقامة فيه .
وفي هذا الجزء أيضاً يتحدث المؤلف أحمد المديني عن بعض الكتاب والأدباء الذين زارو باريس في مطلع القرن العشرين، وكتبوا عنها، ما يسميه المؤلف ببليوغرافيا طويلة تتوزع بين تعبيرات مختلفة رحلية سفارية، روائية وقصصية فاستطلاعية تحقيقية تراوحت بين الفهم والتقويم والوصف والذوق، صادرة عن أفراد مختلفي المشارب الثقافية متبايني المقاصد من رحلاتهم الغربية فإما هم فقهاء وعاظ ومربون ( رفاعة الطهطاوي، وأحمد فارس الشدياق )، أو سفراء حاملو رسائل إلى البلاطات ( محمد الحجوي )، أو مهاجرون مقيمون ( الشيخ سانوا أبو نظارة ) أو طلبة باحثون وهم كثر ( طه حسين، زكي مبارك )، أو مؤرخون وانطباعيون ( عبد الهادي التازي ) أو أدباء كتاب قصته ( يحي حقي، سهيل إدريس )، أو إعلاميون وهم كثر (محمد باهي ).
وهنا يقف المؤلف طويلاً أمام طبيعة الكتابات العربية عن باريس والهواجس الجنسية التي تشغل أذهان الكتاب مقابل المرأة العربية، المسلمة، الشرقية، منزهة عن " الفساد " محتشمة، وقور ..
أما الجزء الثاني من الكتاب، والمخصص للشخصيات العامة التي التقاها المؤلف في باريس ويبدأه بشخصية جمال الدين بن الشيخ فيصفه المؤلف بـ " يا ما أحب بن الشيخ باريس وهو الذي كتم أكثر من حب برى جسده، وكيف تحولت شقته إلى ملتقى للباحثين العرب والمفكرين الوافدين إلى باريس، أما أحمد عبد المعطى حجازي الشاعر المصري، فيحكى أحمد المديني قصته معه منذ تعرف إليه في المغرب، وهو يتحدث عنه برفقة صديقه محمود أمين العالم الذي يصفه المؤلف، يصف العالم : بانه وإن تميز بالدماثه، إنما بقى منكفئاً على أفكاره ومعتقداته الجامدة مثل جل الماركسيين العرب يومئذ.
ويضيف أحمد المديني : والحق أني لاأعرف ماذا أفاد هو ولا حجازي نفسه من إقامتهما بفرنسا فكرياً وشعرياً، إذ أن هذه الاستفادة لابد أن تظهر ولابد في أعمال أصحابها بالتأثر والاقتباس وعك من الإشباع والتمثل.
أما حجازى منفرداً، فيقول عنه أحمد المديني : ومعروف أن حجازي كان قومياً في عروبته، مقرباً من أدباء العراق وسياسيه الوطنيين، ومن النظام نفسه، يحظى في بغداد سنوات الإقامة الباريسية وبعدها بالترحاب كله، وفي باريس خاصة عاش برفقة اثنين من هؤلاء هما : فاضل الشاعر والشاعر سامي مهدي.
وعن المفكر عابد الجابري، في فصل بالعنوان نفسه فيصفه أحمد المديني بأنه رغم تقدميته لم يحاول مغادرة الخط الذي ارتضاه لنفسه فكرياً : الحق أني لم أعرف مفكراً ولا أدبياً دخل قالباً ولم يخرج منه مثل الجابري، كل هذا وهو متحرر وتقدّمي وديمقراطي كبير، وفوق هذا هو ابن رشد العرب في العصر الحديث، غير أنه كان مثل سكان الإيسكيمو الذين رغم قربهم من عالم المدنية الحديثة رفضوا تغيير نمط حياتهم " لكي لا ينهار عالمهم ".
جدير بالذكر أن المديني صدرت له العديد من المؤلفات منها اثنتا عشرة رواية هي :زمن بين الولادة والحلم، وردة للوقت المغربي، الجنازة، حكاية وهم، طريق السحاب، مدينة براقش، العجب العجاب، الهباء المنثور، فاس، لو عادت إليه، المخدوعون، رجال ظهر المهزار، هموم بطة.
كما صدرت له أثنتا عشرة مجموعة قصصية هي :العنف في الدماغ، سفر الإنشاء والتدمير، الطريق إلى المنافي، المظاهرة، احتمالات البلد الأزرق، رؤيا السيد سين، حروف الزين، هيا نلعب، امرأة العصافير، خريف، عند بوطاقية، طعم الكرز.. وله في كتب الرحلات غير " نصيبي من باريس " :أيام برازيلية، وأخرى من يباب والرحلة إلى بلاد الله.
وذلك غير النصوص الأدبية الحرة والدواوين الشعرية، مثل :كتاب الضفاف، نصوص الغربة، نصوص الولع، كتاب الذات ويليه كتاب الصفات، جمر بارد، أوراق وقتنا الضائع، كتاب النهايات، نصوص المحبة والزوال، برد المسافات، أندلس الرغبة، بقايا غياب.