كتاب الإمام المجتهد يحيى بن حمزة و آراؤه الكلامية
تأليف : أحمد محمود صبحي
النوعية : مذكرات وسير ذاتية
كتاب الإمام المجتهد يحيى بن حمزة و آراؤه الكلامية بقلم أحمد محمود صبحي.. محور الدراسة في هذا الكتاب هو الإمام يحيى بن حمزه، وهو من أهم مفكري الزيدية، ويعُدّ من أكثر الشخصيات التي تثير في النفس الإعجاب والتقدير، وذلك لعدة أمور: الأمر الأول: تواضعه الجم، فهو لا يُدلي برأيه في موضوعٍ ما إلا بعد عرضٍ موضوعي لآراء الفرق المختلفة فيه، ثم يعقب قائلًا: والأرجح عندنا هو..، بينما يدّعي أغلب المتكلمين بأن مذهبه هو وحده الحق.
وحين يتهم الشيعة بالطعن بالصحابة فإن الإمام المؤيد برب العزة -وهذا لقبه- كان كثير الذب عن الصحابة، فضلًا عن أنه كان من الأئمة العادلين الزاهدين عن الظواهر في الدنيا المتقللين منها. الأمر الثاني: استفاد يحيى بن حمزه من تمكنه في اللغة والبلاغة في عرضه للموضوعات الكلامية، ليس فحسب في التقديم لأي موضوع بتعريفات دقيقة عن المصطلحات المستخدمة فيه، وإنما في ابتكار منهج أصيل في التحليل اللغوي، لقد حدد معاييرًا أربعة لصلاحية استخدام اللفظ: القرآن واللغة والعرف والاصطلاح، وإلا كان اللفظ أجوف والاستخدام زائفًا، ومِن ثَم بطلت النظرية التي تستند إلى مثل هذه الاصطلاحات الزائفة دون حاجة إلى إبطالها بحجج كلامية. الأمر الثالث: يُعدّ يحيى بن حمزة موسوعة علمية ندر أن يكون له نظير، فهو في الزيدية يناظر الفخر الرازي بين الأشاعرة، وإن كان الأخير قد اشتهر بتفسيره للقرآن؛ فإن يحيى بن حمزة قد بلغ الذروة في البلاغة والفقه، بكتابه الطراز؛ مرجع لدارسي البلاغة، أما كتابه الانتصار في الفقه فهو الينبوع الذي نهل منه ابن المرتضى، فأخرج للناس البحر الزخار، ثم تعاقبت بعده المؤلفات، لا في فقه الزيدية فحسب؛ بل في فقه مختلف الأمصار. لهذه الأسباب انطلق المؤلف في دراسته هذه التي تناول فيها السيرة الفكرية للإمام المجتهد يحيى بن حمزه الكلامية. يجد القارئ فيه، أيضًا، عرضًا لآراء مختلف المتكلمين الذين أدلو بآرائهم حول مختلف الموضوعات. ومن ناحية أخرى، ولمّا كان الإمام يحيى بن حمزه من متأخري المتكلمين نسبيًا، فإنه قد أشار كثيرًا إلى آراء متأخرى المعتزلة، الذين لا يكاد يُعرف عن آرائهم إلا النزر اليسير. وهكذا يتمكن القارئ من الاطلاع على آراء شخصيات معتزلة؛ خفيت على أغلب الدارسين، بالإضافة إلى آراء هذا المفكر المجتهد الزيدي المتميز