كتاب الادب العباسي: الشعر بقلم سامي يوسف أبو زيد..من المعروف أن حركة الأدب والفنون بعامَة والشعر بخاصة، تغاير حركة التاريخ التي تتمثل في التغيير السياسي المفاجئ، وهو تغيير تقوم فيه دولة وتسقط أُخرى، في حين تستغرق هذه الحركة في نطاق التطور الفنَي مدَة أطول مهما تكن سرعته، وهو ما اصطُلح على تسميته بمخضرمي الدولتين: الأموية والعباسية. وزّعتُ الكتاب على ست عشرةَ وحدة دراسية، جاءت أولاها تمهيداً لهذه الدراسة،تحدثت فيها بإيجاز عن الحياة السياسية، فالاجتماعية، فالثقافية، ثم انتقلت إلى الوحدة الثانية، فتحدَثت عن اتجاهات الشعر في هذا العصر، سواء الاتجاه القديم الذي يُعدَ امتداداً للماضي، أو الاتجاه الجديد بكل مظاهره، كالتجديد في الأغراض القديمة، والتجديد في مقدمة القصيدة، والتجديد في الأوزان والقوافي، وغيرها.
وتحدَثت في الوحدات الأخرى عن أعلام الشعر العباسي، بدءاً من بشار بن برد الذي يشكَل مع آخرين من مُخضرمي الدولتين الجسرَ الذي عبر عليه الشعر متطوراً إلى العصر العباسي، مروراً بشعراء الباكورة العباسية: مسلم بن الوليد،وأبي نواس، وأبي العتاهية، ودِعبل الخزاعي، والعباس بن الأحنف، فالشعراء الكبار من أمثال أبي تمام،والبحتري، وأبي فراس، الحمداني، وأبي العلا المعري.
وفي سياق الحديث عن هؤلاء والشعراء تناولت أبرز المظاهر الأدبية لهذا العصر، وهي البديع ومذهب التصنيع، والقديم والمحدث، والزُهد، والغزل العذري، والهجاء السياسي، وشعر الفكرة والغوص على المعاني،وصفاء الديباجة وعمود الشعر، والتصوير الفني واستقصاء المعاني، والصورة الشعرية، والقلق الوجودي والتشاؤم، فضلاً عن الشعر في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب، الذي جمع كوكبة من كبار الشعراء، على رأسهم شاعر العربية الأكبر المتنبي.
وحرصت على دراسة نصوص من الشعر العباسي، فضلاً عن تخير نصوص أخرى، ذيَلت بها كل وحدة من هذه الوحدات.