كتاب التفتيش التربوي في العراق في العهد الملكي ، مدرسة سامراء الابتدائية انموذجا

تأليف : الدكتور كريم الوائلي

النوعية : التعليم والتربية

كتاب التفتيش التربوي في العراق في العهد الملكي ، مدرسة سامراء الابتدائية انموذجا  بقلم الدكتور كريم الوائلي ... تؤكد الدراسات الحديثة أنّ لكل منظومة – ومنها المنظومة التربوية – بنيتها العميقة الخاصة بها ، وأنّ الذي يمايز بين المنظومات ويحدد تماثلها أو اختلافها النقاط الثلاث الآتية : 1- العناصر المكونة للمنظومة. 2- مواقع هذه العناصر داخل المنظومة. 3- العلاقات الكائنة بين مواقع هذه العناصر. ولا ريب أن تغيير عنصر من عناصر المنظومة، أو إضافة عنصر جديد، أو حذف عنصر من عناصرها سيغير دون شك من المنظومة نفسها، ومن طبيعتها وماهيتها، وكذا الأمر إذا أحدثنا تغيرًا في مواقع هذه العناصر أو العلاقات الكائنة بينها. إنّ اتخاذ أي قرار تربوي سيؤثر سلبًا أو إيجابًا في طبيعة المنظومة وفي كيفية أدائها؛ فإذا قام المسؤولون باتخاذ قرارات منهجية مدروسة فإنها ستكون معضدة للمنظومة ودافعة بها إلى الأمام، وبخلاف ذلك، أي : إذا زج المسؤولون التربويون بقرارات مستعجلة غير مدروسة، أو قرارات انفعالية، في هذه المنظومة فإن ذلك سيربك المنظومة ويعطل جوانب منها، ويدفعها إلى التراجع، الأمر الذي يؤثر سلبًا في مفاصل العملية التربوية بأسرها. وفي ضوء هذا فإنّ وعي البنية العميقة للمنظومة التربوية يُعد أمرًا بالغ الأهمية، ويقتضي أنْ يضطلع المسؤولون القائمون بأمور التربية بأداء مهامهم بحسب طبيعة المنظومة وما يطرأ عليها من تغيرات، سواء أكانت إيجابية أم سلبية. ويمثل الإشراف التربوي أحد أبرز أهم المفاصل في المنظومة التربوية، الأمر الذي دفعني إلى القول : بأنه إذا نجح الإشراف التربوي نجحت وزارة التربية؛ وإذا نجحت وزارة التربية نجح العراق، تأكيدًا مني لأهمية الإشراف التربوي؛ إذ بدونه سيكون سير العملية التربوية مربكًا ومقيدًا، إنْ لم يكن مشلولاً. وحين اضطلعت بمسؤولية مدير عام الإشراف التربوي ( 2009 م/ 2013 م) ألفيت الإشراف التربوي يئن من ثقل معضلات كثار؛ إذ هناك من يقلل من أهمية الإشراف التربوي، ويعده حلقة زائدة في وزارة التربية، وفي العملية التربوية بأسرها، وهناك نقص حاد في أعداد المشرفين وبخاصة المشرفات، كما أن جهود المشرفين تستهلك في التحقيقات الإدارية، سواء أكانت تربوية أم غير تربوية، وكان بالإمكان أنْ ينوب عن المشرفين تربويون آخرون. ولذلك عمدت جاهدًا إلى إعادة صياغة آليات الإشراف التربوي على نحو جدي وجديد، من حيث ضوابط ترشيح المشرفين الجدد، أو إجراء الاختبارات والمقابلات، ولقد تحقق قدر من التوازن الذي تحمد عقباه، كما أسهمت بشكل فاعل في إدخال عدد من المشرفين دورات تدريبية داخل العراق وخارجه . ولعل واحدة من المشاريع التي بذلت فيها جهدًا كبيرًا مشروع " المشرف الصديق الناقد " الذي شرعنا بالعمل به بالتنسيق مع المعهد البريطاني، وقطعنا فيه شوطًا متقدمًا، وأوشكنا على استكمال المشروع ثم رأت الوزارة انتقالي من المديرية العامة للإشراف التربوي إلى المديرية العامة؛ لإعداد المعلمين، والتدريب والتطوير التربوي، وبقيت لدينا أفكار وتصورات قيد الدرس، وكانت هناك مقترحات كثيرة حول تطور واستكمال التدريب .. !! لكنها لم تأخذ طريقها نحو التنفيذ. وفي هذه الفترة التي كنت مضطلعًا فيها بمسؤولية الإشراف التربوي أطلعني أحد الأصدقاءعلى صورة لزيارة تفتيشية للأستاذ محمد عاصم الجلبي في أثناء زيارته لمدرسة سامراء الابتدائية بتاريخ 23/12/1923م ، ولقد أثار انتباهي أنّ هذه المدونة التي تفصلنا عنها أكثر من تسعين عامًا تميزت بأنها محيطة بجوانب كثيرة من العملية التربوية، ولذلك كنت أصطحب نسخة منها معي في أحايين كثيرة من لقاءاتي مع المشرفين التربويين، وأعرض بعض فقراتها عليهم، وقد أفصل في بعض جوانبها، وبخاصة في أثناء تدريب المشرفين الجدد. ولقد استهوتني ذات يوم فكرة تأسيس مجلة تربوية إلكترونية على موقعي الرسمي، وهي مجلة ) الإشراف التربوي ) التي أسهم فيها عدد من زملائنا المشرفين، ونشرت بعضًا من هذه المدونات التي تمكنت من الحصول عليها، ولكني لم أتمكن من العثور على بقية المدونات التفتيشية، ثم إن مجلة الإشراف التربوي الإلكترونية قد توقفت عن الصدور لأسباب ليس هنا مجال سردها. وكُلّفت بمهام تربوية أخرى في وزارة التربية، غير أنّ اهتمامي ظل منصبًا للبحث عن المدونات التفتيشية كاملة، سواء أكانت في مدرسة سامراء الابتدائية أم في غيرها من مدارس العراق، وحصلت على نسخة مصورة كاملة من سجل المدونات التفتيشية لمدرسة سامراء الابتدائية، تبدأ من عام 1923م وتنتهي في عام 1947م، ولكني وجدت صعوبات جمة في قراءة المدونات التفتيشية كونها صورة، ولا تتضح معالم الكتابة فيها أحيانًا. ولقد تفضل علي مشكورًا الأستاذ مائد عباس علي مدير مدرسة سامراء الابتدائية الذي بحوزته سجل المدونات التفتيشية، وأرسل لي النسخة الأصلية للاطلاع عليها، وقد ساعدني ذلك كثيرًا في فك غموض كثير من الكلمات التي لم أتمكن من قراءتها في النسخة المصورة، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل زودني بسجل معلمي مدرسة سامراء وأسماء مديري المدرسة منذ تأسيسها. كما قد اطلعت على بعض نصوص تفتيشية في دار الكتب والوثائق، كما أنني اطلعت على إضبارة مدرسة سامراء الابتدائية تحت رقم (623 ـــ معارف) التي أضاءت لي جوانب أخرى من واقع مدرسة سامراء الابتدائية، والكشف عن طبيعة التفتيش التربوي في تلك المرحلة. ومن هنا انبثقت فكرة هذا الكتاب الذي يهدف إلى إضاءة جوانب غير معروفة من التفتيش التربوي في العراق في العهد الملكي. واشتمل الكتاب على : الفصل الأول : التفتيش التربوي ومكانته في العملية التربوية الفصل الثاني : تحليل المدونات التفتيشية والكشف عن ملامحها وسماتها. الفصل الثالث : المدونات التفتيشية . وأضفت إلى الكتاب ملاحق مهمة رأيت وجوب نشرها لأنها تستكمل الكشف عن جوانب أخرى عن المدرسة وعن التفتيش وعن العملية التربوية. وتتحدد الملاحق بما يأتي : 1- مديرو مدرسة سامراء الابتدائية . 2- سجل معلمي مدرسة سامراء الابتدائية . 3 ـ تقارير مدرسية وسنوية للمفتشين وكتب رسمية مختلفة . 4- تقارير سرية عن معلمي المدرسة . 5- نماذج من الأسئلة الامتحانية . 6- صور منتقاة من الوثائق والكتب الرسمية والتقارير. إن هذا الكتاب ما كان له أنْ يظهر بهذه الصورة إلاّ بفضل أصدقاء بذلوا جهودًا لتزويدي بمصادر ووثائق ، وكان لتشجيعهم أثر كبير لصدور هذا الكتاب .

شارك الكتاب مع اصدقائك