واجه المسرح العربي في بداية ظهوره محنةً عسيرة بسبب عداء المتزمتين له، بحجة واهية مفادها تعارض هذا الفن، أو «البدعة» كما أسموها، مع الشريعة، على الرغم من عدم وجود نصوص تقرّ بالتعارض بينهما.
يحاول الناقد عواد علي في الفصل الأول من هذا الكتاب الوقوف على اصطدام محاولات استنبات المسرح في الثقافة العربية، خلال الحقبة الممتدة من النصف الثاني للقرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين، بموقف متعصب منه، المعادية له، والفتوى التحريمية والتكفيرية ضد رواده، كما تكشف عنها الوثائق المنشورة في الدوريات والصحف الصادرة آنذاك.
ويخلص المؤلف إلى أن التطور الحضاري حسم الصراع لصالح المشتغلين بالمسرح، وأن الفن المسرحي انتشر في العالم العربي، وأنشئت له المسارح والمعاهد والكليات، وأصبح واحداً من أهم الظواهر في الثقافة العربية، مثلما حُسم في عصر النهضة الأوروبية، الصراع الطويل بين المسرحيين ورجال الكنيسة، خلال القرون الوسطى، لصالح المسرح.
يضم الكتاب، وهو السادس في مجال المسرح للناقد علي، ثلاثة فصول، تتضمن تسع عشرة دراسة، منها: «المسرح العربي ومحنة التأسيس»، و«المسرح العربي والثلاثية المرعبة: الغزاة، الطغاة، والغلاة»، و«مسرح الصورة: بلاغة المشهد والطقس والجسد»، و«فضاء الأنوثة في المسرح»، و«المسرح وما بعد الحداثة»، و«النقد المسرحي النسوي والثقافة الذكورية»، و«سحر الشرق وأنثروبولوجيا المسرح»، و«نجيب محفوظ ومواجهة الهزيمة بالخطاب المسرحي»، و«جواد الأسدي: المسرح ثقافة العين»، و«يوسف العاني: ستون عاماً من الإبداع»