كتاب الخطاب العربي المعاصر

تأليف : محمد عابد الجابري

النوعية : دراسات وبحوث

كتاب الخطاب العربي المعاصر بقلم محمد عابد الجابري..الخطاب باعتباره مقول الكاتب-أو أقاويله بتعبير الفلاسفة العرب القدماء-هو بناء من الأفكار، يحمل وجهة نظر، أو هو هذه الوجهة من النظر مصوغة في بناء استدلالي، أي بشكل مقدمات ونتائج. وفي هذا الكتاب يقترح الباحث قراءة تشخيصية للخطاب العربي الحديث والمعاصر ترمي إلى "تشخيص" عيوب هذا الخطاب وليس إلى إعادة بناء مضمونة، إنها كشف وتشخيص للتناقضات التي يحملها هذا الخطاب سواء على سطحه أو داخل هيكله العام، سواء كانت تلك التناقضات مجرد تعارضات أو جملة نقائض.


والخطاب العربي الذي هو مدار البحث في هذا الكتاب هو الخطاب الصادر عن مفكرين عرب بلغة عربية وفكروا فيه في أفق عربي. وأما الفترة الزمنية التي يغطيها هذا البحث فهي تلك التي تمتد من ابتداء اليقظة العربية الحديثة مع منتصف القرن الماضي إلى الآن. فالباحث يعتبر أن الخطاب العربي الأيديولوجي الصادر في هذه الفترة مازال يشكل وحدة لا تقبل التصنيف، بكيفية جدية وحاسمة إلى ما قبل وما بعد.

و"الخطاب العربي الحديث والمعاصر" لا زال كله معاصر لنا، سواء ما كتب منذ مائة سنة أو ما يكتب اليوم: فالإشكالية العامة لا زالت هي هي كما سيلمس القارئ ذلك بوضوح خلال العرض. هذا من جهة، ومن جهة أخرى صنف الباحث الخطاب موضوع البحث إلى أربعة أصناف: الخطاب النهضوي، وجعله يدور حول قضية النهضة عامة والتجديد الفكري والثقافي خاصة، والخطاب السياسي ومحوره حوله "العلمانية" وما يرتبط بها والديموقراطية وإشكاليتها، والخطاب القومي مركزاً حول "التلازم الضروري" الإشكالي الذي يقيمه الفكر العربي بين الوحدة والاشتراكية من جهة وبينها وبين تحرير فلسطين من جهة ثانية. ويأتي الخطاب الفلسفي أخيراً ليعود بالقارئ إلى صلب الإشكالية العامة للخطاب العربي الحديث والمعاصر، إشكالية الأصالة والمعاصرة.

ويمكن القول بأن الأمر يتعلق بمحورة البحث حول قضايا أساسية وإشكالية وليس حول تصنيفات أيديولوجية، ذلك لأن هدف الباحث ليس التحليل الأيديولوجي للأفكار والاتجاهات بل النقد "الايبيستيمولوجي" للخطاب. ومع ذلك لم يكن من الممكن أن يفضل الباحث التصنيفات الأيديولوجية عند عرض الآراء، لأن الخطاب العربي والمعاصر هو في الحقيقة سجال مستمد بين اتجاهات لا تختلف في آفاقها الأيديولوجية وحسب، بل أيضاً، ولربما كان هذا هو السبب في ذاك، تختلف في أطرها المرجعية، وبكيفية عامة في النموذج الأيديولوجي الذي تستوحيه أو تستند إليه.

وبخصوص التصنيفات الأيديولوجية هذه تبنى الباحث التصنيف الشائع إلى سلفي وليبرالي وقومي وماركسي. هذا و لا بد من التأكيد على أن النماذج التي اختارها الباحث كنصوص وشهادات ليست مقصودة لذاتها، إذ لم يكن مهمٌ فيها أصحابها ولا الأطروحات التي تعرضها أو تدافع عنها أو تفندها، إن ما كان يهتم به الباحث من تلك "النماذج" التي عرضها هو العقل الذي يتحدث فيها، لا بوصفه عقل شخص أو فئة أو جيل، بل بوصفه "العقل العربي" الذي أنتج الخطاب موضوع هذه الدراسة. 

شارك الكتاب مع اصدقائك