كتاب الروائي وبطله

كتاب الروائي وبطله

تأليف : جورج طرابيشي

النوعية : الأدب

حفظ تقييم

كتاب الروائي وبطله - مقاربة اللاشعور في الرواية العربية بقلم جورج طرابيشي..إن البطل الذي تختلقه مخيلة الروائي، يحتل مكانه جنباً إلى جنب مع المشاهير من الملوك والقادة وأعلام السياسة والعلم والأدب والفن، تماماً كما لو أنه شخصية واقعية لها وجودها الفعلي في التاريخ، وقد كان من النقاد من جعل من هذه "الواقعية" معياراً لنجاح العمل الروائي: فوحدها الشخصيات التي تتبدى حقيقة كما أنها "من لحم ودم" هي التي يمكن أن تنتزع اقتناع القارئ وأن تستحوذ على وجدانه إلى حد ينسيه أنها مجبولة ن كلمات ليس إلا. فإذا كان الباحث هنا يداور التحليل النفسي منهجاً، هل تستغني الشخصيات الروائية عن أن تكون ذات لا شعور؟ فهل الشخصيات الروائية هي بالضرورة مصنوعة بينما اللاشعور عفوي ومن ثم يستحيل أن تصدر عن اللاشعور حقيقي.

وإذا كان الأمر كذلك هل هي تصدر عن لا شعور الروائي؟ وهنا يقول جورج طرابيشي بأن لا شعور البطل الروائي مستقل بقدر قد يكثر أو يقلل عن لا شعور الروائي، وأياً ما تكن درجة تعين لا شعور البطل الروائي، بلا شعور الروائي، فإن مسافة من الحرية لا بد أن تفصل بين الاثنين، وهنا يصر على أن من يمدده على سرير التحليل النفسي في هذا الكتاب إنما هو البطل الروائي لا الروائي نفسه، إذ أن القاعدة المتبعة كانت العكس بالضبط، فالارتداء من البطل الروائي "المكتوب" إلى الروائي "الكاتب" كان هو ما فعله مؤسس التحليل النفسي عندما ضرب القدوة بتحليله غراديفا للكاتب الألماني "فلهلم ينسنه"، والحال هذا إن المسار الذي يلزم به جورج طرابيشي نفسه في دراسته هذه لمقارنة اللاشعور في الرواية العربية هو عكس ذلك تماماً فنقطه وصوله، كما نقطة انطلاقة، هي النقد الأدبي، وليس التحليل النفسي الذي يقاربه إلاّ أداة منهجية، وذلك لتوظيف التحليل النفسي في خدمة النقد الأدبي ومن ثم فإن الكاتب بحد ذاته لا يعنيه بكثير أو قليل، ويقول بأن أكثر الأعمال الفنية أصالة أقدرها على التوصيل وأبقاها في الزمن هي تلك التي تبلغ العتبة المحرمة والمقدسة لمملكة اللاشعور، ويخيل إليه أن حكاية بحارّ "حنا مينا" و "بدر زمانه" لمبارك ربيع من الروايات العربية القليلة التي أمكن لها الاقتراب من تلك العتبة، فقد استطاعت هاتان الروايتان من خلال جدلية الآباء العمالقة والأبناء الأقزام، أن تتحرر إلى حد غير قليل من وطأة الاكراهات الايدلوجية العاملة تحت إمرة الدين والمرتبطة بطبيعة المرحلة التاريخية العربية، ولقد كان هذا الاجتراء على مملكة اللاشعور منفرجة العقدة الأبوية هو المعيار الأول في ترشيح جورج طرابيشي بطل هاتين الروايتين للتمديد على السرير التحليلي النفسي. هذا أولاً. وثانيًا إن وراء هذا الاختيار اعتبار آخر فان أول الروائيين من الشرق وثانيهما من المغرب، وذلك إنما للحفاظ على وحدة الثقافة العربية وإعادة لأمِها بعد أن نشطت في الآونة الأخيرة محاولة تشطيرها.

كتاب الروائي وبطله - مقاربة اللاشعور في الرواية العربية بقلم جورج طرابيشي..إن البطل الذي تختلقه مخيلة الروائي، يحتل مكانه جنباً إلى جنب مع المشاهير من الملوك والقادة وأعلام السياسة والعلم والأدب والفن، تماماً كما لو أنه شخصية واقعية لها وجودها الفعلي في التاريخ، وقد كان من النقاد من جعل من هذه "الواقعية" معياراً لنجاح العمل الروائي: فوحدها الشخصيات التي تتبدى حقيقة كما أنها "من لحم ودم" هي التي يمكن أن تنتزع اقتناع القارئ وأن تستحوذ على وجدانه إلى حد ينسيه أنها مجبولة ن كلمات ليس إلا. فإذا كان الباحث هنا يداور التحليل النفسي منهجاً، هل تستغني الشخصيات الروائية عن أن تكون ذات لا شعور؟ فهل الشخصيات الروائية هي بالضرورة مصنوعة بينما اللاشعور عفوي ومن ثم يستحيل أن تصدر عن اللاشعور حقيقي.

وإذا كان الأمر كذلك هل هي تصدر عن لا شعور الروائي؟ وهنا يقول جورج طرابيشي بأن لا شعور البطل الروائي مستقل بقدر قد يكثر أو يقلل عن لا شعور الروائي، وأياً ما تكن درجة تعين لا شعور البطل الروائي، بلا شعور الروائي، فإن مسافة من الحرية لا بد أن تفصل بين الاثنين، وهنا يصر على أن من يمدده على سرير التحليل النفسي في هذا الكتاب إنما هو البطل الروائي لا الروائي نفسه، إذ أن القاعدة المتبعة كانت العكس بالضبط، فالارتداء من البطل الروائي "المكتوب" إلى الروائي "الكاتب" كان هو ما فعله مؤسس التحليل النفسي عندما ضرب القدوة بتحليله غراديفا للكاتب الألماني "فلهلم ينسنه"، والحال هذا إن المسار الذي يلزم به جورج طرابيشي نفسه في دراسته هذه لمقارنة اللاشعور في الرواية العربية هو عكس ذلك تماماً فنقطه وصوله، كما نقطة انطلاقة، هي النقد الأدبي، وليس التحليل النفسي الذي يقاربه إلاّ أداة منهجية، وذلك لتوظيف التحليل النفسي في خدمة النقد الأدبي ومن ثم فإن الكاتب بحد ذاته لا يعنيه بكثير أو قليل، ويقول بأن أكثر الأعمال الفنية أصالة أقدرها على التوصيل وأبقاها في الزمن هي تلك التي تبلغ العتبة المحرمة والمقدسة لمملكة اللاشعور، ويخيل إليه أن حكاية بحارّ "حنا مينا" و "بدر زمانه" لمبارك ربيع من الروايات العربية القليلة التي أمكن لها الاقتراب من تلك العتبة، فقد استطاعت هاتان الروايتان من خلال جدلية الآباء العمالقة والأبناء الأقزام، أن تتحرر إلى حد غير قليل من وطأة الاكراهات الايدلوجية العاملة تحت إمرة الدين والمرتبطة بطبيعة المرحلة التاريخية العربية، ولقد كان هذا الاجتراء على مملكة اللاشعور منفرجة العقدة الأبوية هو المعيار الأول في ترشيح جورج طرابيشي بطل هاتين الروايتين للتمديد على السرير التحليلي النفسي. هذا أولاً. وثانيًا إن وراء هذا الاختيار اعتبار آخر فان أول الروائيين من الشرق وثانيهما من المغرب، وذلك إنما للحفاظ على وحدة الثقافة العربية وإعادة لأمِها بعد أن نشطت في الآونة الأخيرة محاولة تشطيرها.

مفكر وكاتب وناقد ومترجم عربي سوري، من مواليد مدينة حلب عام 1939، يحمل الإجازة باللغة العربية والماجستر بالتربية من جامعة دمشق. عمل مديرا لإذاعة دمشق (1963-1964)، ورئيساً لتحرير مجلة " دراسات عربية" (1972-1984), ومحرراً رئيسياً لمجلة "الوحدة" (1984-1989). أقام فترة في لبنان، ولكنه غادره، وقد فجعته حربه الأهلية، إلى فرنسا التي يقيم فيها إلى الآن متفرغا للكتابة والتأليف. تميز بكثرة ترجماته ومؤلفاته حيث انه ترجم لفرويد وهيغل وسارتر وبرهييه وغارودي وسيمون دي بوفوار وآخرين ، وبلغت ترجماته ما يزيد عن مئتي كتاب في الفلسفة والايديولوجيا والتحليل النفسي والرواية. وله مؤلفات هامة في الماركسية والنظرية القومية وفي النقد الأدبي للرواية العربية التي كان سباقاً في اللغة العربية إلى تطبيق مناهج التحليل النفسي عليها.
مفكر وكاتب وناقد ومترجم عربي سوري، من مواليد مدينة حلب عام 1939، يحمل الإجازة باللغة العربية والماجستر بالتربية من جامعة دمشق. عمل مديرا لإذاعة دمشق (1963-1964)، ورئيساً لتحرير مجلة " دراسات عربية" (1972-1984), ومحرراً رئيسياً لمجلة "الوحدة" (1984-1989). أقام فترة في لبنان، ولكنه غادره، وقد فجعته حربه الأهلية، إلى فرنسا التي يقيم فيها إلى الآن متفرغا للكتابة والتأليف. تميز بكثرة ترجماته ومؤلفاته حيث انه ترجم لفرويد وهيغل وسارتر وبرهييه وغارودي وسيمون دي بوفوار وآخرين ، وبلغت ترجماته ما يزيد عن مئتي كتاب في الفلسفة والايديولوجيا والتحليل النفسي والرواية. وله مؤلفات هامة في الماركسية والنظرية القومية وفي النقد الأدبي للرواية العربية التي كان سباقاً في اللغة العربية إلى تطبيق مناهج التحليل النفسي عليها.